حينما نشر أمبيرتو أيكو روايته الأفضل مبيعاً ( اسم الوردة ) كان واحداً من أشهر المفكرين في إيطاليا، وأكاديمياً متميزاً، ومؤلفاً لعدد من الأعمال المؤثرة في مجال علم الدلالات semiotics. وكان قد نشر، قبل سنوات من ذلك، في عام 1977، كتاباً صغيراً للطلبة،(ك
حينما نشر أمبيرتو أيكو روايته الأفضل مبيعاً ( اسم الوردة ) كان واحداً من أشهر المفكرين في إيطاليا، وأكاديمياً متميزاً، ومؤلفاً لعدد من الأعمال المؤثرة في مجال علم الدلالات semiotics. وكان قد نشر، قبل سنوات من ذلك، في عام 1977، كتاباً صغيراً للطلبة،(كيف تكتب بحثاً ؟)، قدّم فيه نصيحة مفيدة بشأن كل الخطوات التي تتضمنها مراجعة المصادر والمعلومات وكتابة البحث، بدءاً من اختيار الموضوع إلى تنظيم جدول العمل إلى كتابة المسودة النهائية. والآن فإن هذا الكتاب، بطبعته الثالثة والعشرين في إيطاليا وبعد ترجمته إلى سبع عشرة لغة عالمية، قد أصبح من الأعمال الكلاسيكية. واللافت للانتباه هنا، أن هذه هي طبعته الأولى المنشورة بعد هذا الوقت الطويل باللغة الانكليزية.
ويمكنك أن تقول عن طريقة أيكو هنا أي شيء إلا أنها جافة وأكاديمية، فهو لا يقدم نصيحة عملية فقط ، بل ويتأمل أيضاً مسائل أكبر في ما يتعلق بالقيمة التي يتسم بها تمرين كتابة البحث. ذلك أن ( كيف تكتب بحثاً ؟) مختلفاً عن أية كتابة أخرى يدوية، فهو يُقرأ كرواية، وهو متشبث بما فيه من آراء، وليس توقيرياً بشكل متكرر، وحواري أحياناً، ومرح في الغالب. وأيكو ينصح الطلبة هنا بالكيفية التي يتجنبون بها " عصابية البحث thesis neurosis " ويُجيب على السؤال المهم " هل يجب أن تقرأ كتباً ؟" ويذكّر الطلبة قائلاً " أنتم لستم مارسيل بروست " و " اقرأوا كل ما يخطر في عقولكم، لكن فقط في المسودة الأولى ". وبطبيعة الحال، لم يكن هناك أنترنت في عام 1977، لكن نظام البحث في بطاقة فهارس أيكو تقدم دروساً مهمة بشأن التفكير النقدي وتقديم المعلومات في المكتبات لطلبة اليوم الذين يمكن أن يكونوا مثقَلين بالمعطيات الكبيرة.
ويتضمن كتاب ( كيف تكتب بحثاً ؟) هذا مواضيع عــدة : تعريف وغرض البحث، اختيار الموضوع، إدارة البحث، خطة العمل وبطاقات الفهارس، كتابة البحث، والمسودة النهائية.
وقد جاء في مجلة " أسبوعية الناشرين Publishers Weekly " أن هذا المرشد لكتابة البحث، وإن نُشر للمرة الأولى بالإيطالية في عام 1977، وقبل أن يًصبح أيكو، باصدار ( اسم الوردة )، روائياً مشهوراً على الصعيد العالمي، هو كتاب يزخر بالنصح العملي المفيد لكتابة البحوث ... ويبدو دفاع مؤلفه عن ملفات بطاقات الفهرسة لتنظيم المعطيات، الآن، متّسماً بالحنين إلى الماضي في عصر اللابتوبات وقواعد بيانات الأنترنت، لكنه يؤكد فقط أهمية استخدام هذه الأدوات الأكثر تطويراً لتحقيق كمال النتائج الذي يدافع عنه.
وأمبيرتو أيكو، المولود في عام 1932، متخصص في مجال علم الدلالات، وفيلسوف، وناقد أدبي، وروائي، صدرت له روايات عــدة، منها : اسم الوردة، باودلينو، جزيرة اليوم السابق، بندول فوكو، وهي مترجمة إلى العربية جميعاً، إضافةً إلى مقبرة براغ، وأعمال نظرية غير قصصية عــدة.
وقد جاء في مقابلة أجرتها معه الكاتبة الأميركية الإيرانية الأصل ليلى عزام زنكنة، قوله " إنني، بطريقةٍ ما أعــد كل رواية هي سيرة ذاتية. حينما نبتكر شخصية روائية، فنحن بشكل ما نسبغ عليها بعضاً من حياتنا الخاصة فنعطي هذه الشخصية جزءاً منا، ونعطي تلك جزءاً آخر منا، بهذا لا أراني أكتب سيرتي الذاتية بشكل مباشر، لكن سيرتي الذاتية تصبح مضمّنة في الراوية ".
عن/ The MIT Press