ما من حرب حدثت إلا وكشفت عن ظواهر ما كان لها ان تنكشف من دونها.. خذوا آخر معاركنا في تكريت، مثلا، وقفوا عند ما أفرزته من سلبيات وايجابيات. ومن طبيعة الإعلام غير الموضوعي انه يعتاش على السلبيات ويغض الطرف عن الإيجابيات. وان مرّ على الاخيرة مرغماً فسيكون مثل مرور اللئام. احسبوا عدد القنوات العربية وغير العربية وحتى العراقية، وكذلك مواقع الانترنت واحسبوا تركيزها على تصريحات حيدر العبادي في ما يخص السرقات التي رافقت تحرير تكريت، لكن كم من تلك الوسائل الإعلامية توقفت عند كشفه لظاهرة هروب الدواعش العراقيين حالما تهاجمهم قواتنا العراقية؟ ظاهرة لا تستحق التأمل، فقط، بل وتحتاج الى تحليل ودراسة عميقين.
منذ أيام وانا أسال: لماذا يهرب الداعشي العراقي قبل غيره من الدواعش؟ ثم لو اخذنا عدد الداعشيين العراقيين سنجدهم أكثر من النصف (نسبتهم في داعش 57%). أما يعني هذا ان اكثر من نصف جنود الدولة المزعومة - عاض دشداشته بحلكه ومتحضر للشردة - مع اول هجمة من أولاد الملحة شرقية كانت أم غربية؟
الجواب قد يكون سهلا ونختصره لأن الداعشي العراقي جبان. ربما يكون كذلك لكني أرى المسألة أعمق وأعقد. خطر ببالي وهو افتراض اولي لا أكثر، ان الداعشي الافغاني أو الشيشاني او السعودي وكل أجنبي منهم، يؤمن بأنه يقاتل في "سبيل" الله الذي ينتظر موته ليطش عليه الحور العين وبجانبه النبي. يبدو لي ان الداعشي العراقي صار داعشيا من أجل هدف آخر وهو الحنين للعودة الى كرسي السلطة والتسلط. فلو كان يريد "حورية" لركض صوب الموت بدلا من أن يفر منه. طالب السلطة مهما ادعى الشجاعة نهايته في حفرة او انه سيصيح، بعد دخول سن اليأس منها: إنني فاشل!
وبعيداً عن التحليلات، اجد في خاصية الهروب عند دواعش العراق سلاحا نفسيا، على اعلامنا ان يستغله استغلالا صحيحا في كسر معنويات الدواعش في معركنا القادمة. وهذا السلاح المهم يجب ان يُعطى لمن يعرف استخدامه جيدا. وكي يعرف استخدامه بفاعلية يجب ان يخضع للتدريب تحت يـد متخصصين بعلم النفس والحرب النفسية. امامنا 57% من الدواعش على ارضنا وهم يرتجفون. يريدون الهرب لكن فرق الاعدامات بظهورهم. وما ان تدخل اول دبابة عراقية وتنشغل تلك الفرق بحماية نفسها سيفر المرتجفون. ليسبق الاعلام النفسي دباباتنا وطائراتنا ومدافعنا الى حيث دواعش العراق ليصبح طريق الانتصار اسهل وطعمه الـذّ.
أخيرا، لا أدّعي بأني هنا اكتشفت الجواب الدقيق، بل انه يبقى عند ذوي الاختصاص بشأن الحروب وخباياها.
لماذا يفـرّ الداعشي العراقي؟
[post-views]
نشر في: 7 إبريل, 2015: 09:01 م