اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بحر العلوم لم يمت

بحر العلوم لم يمت

نشر في: 7 إبريل, 2015: 09:01 م

منْ له سيرة كسيرة السيد محمد بحر العلوم لا يموت ذكره، ومن خصاله كخصال الراحل أمس لا تفنى سيرته، فبحر العلوم كان علّامة متميزاً وشخصية سياسية وطنية مثالاً وقدوةً في تحدي القوة الغاشمة والعسف الدكتاتوري، وفي التطلع الى الحرية.
تعرّفت اليه على نحو مباشر في دمشق في العام 1990 أثناء الحراك السياسي النشيط الذي سعى لتوحيد قوى المعارضة العراقية عقب غزو صدام حسين للكويت، ثم أثناء مؤتمر المعارضة في بيروت أوائل العام 1991. ولاحقاً التقيته في طهران بعد ذلك بنحو سنة، هو كان ضمن وفد للمعارضة وأنا كنت في مهمة صحفية. وبعد ذلك جمعنا المنفى اللندني، فكنتُ ألتقيه مرّات عدة في السنة الواحدة، خصوصاً في مركز أهل البيت الإسلامي الذي أنشأه في العاصمة البريطانية، وكان بيتاً لمعارضي نظام صدام بنشاطاته الثقافية والسياسية.
تواضعه وروحه المرحة كانا أكثر ما يُلفت إليه في الظاهر.. أما في العمق فإن مَنْ يتعرّف إلى السيد بحر العلوم ويكون على صلة به سيأسره علمه الواسع واعتداله ووسطيته.
أتذكّر انه في تلك الزيارة الطهرانية أعرب أحد المتشددين عن الاعتراض على العلاقة التي نشأت بين المعارضة العراقية والدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة .. بهدوئه القدسي ردّ عليه بحر العلوم بالقول: ما جبرنا على المرّ غير الأمرّ منه.. سعينا سنوات لكسب حكومات العالم الى جانب قضيتنا ولم نفلح، وها هي تأتينا وتسعى إلينا بعد غزو الكويت، فما الحكمة في أن نرفض ما سعينا إليه طويلاً؟
في موقف آخر في لندن، كنت والصديق فالح عبد الجبار في زيارته في بيته.. تطرّق الحديث بيننا الى أحد الأشخاص، فلم يُخفِ السيد بحر العلوم شعوره بعدم الودّ تجاهه.. لم ينتظر حتى نستوضحه في طبيعة هذا الموقف ودواعيه.. أتذكر انه قال بقدر غير قليل من الجدّية والحماسة: شوفوا أنا الإسلامي ورجل الدين الإسلامي الذي يعتمر هذه العمامة أُقدّر تقديراً عالياً السيد عزيز محمد (زعيم الحزب الشيوعي العراقي آنذاك) وأُحبه، وأول سبب لذلك انه ثابت على مبدئه وعقيدته من فرط إيمانه بهما، أما هذا الذي جئنا على ذكره منذ قليل فليس من أصحاب المبادئ والعقائد.. إنه من أصحاب المصالح الذين تتغير مواقفهم وتتبدل بتبدل مصالحهم.
عزاؤنا في بحر العلوم الذي كان على الدوام يُشعرنا بانه أب لنا جميعاً في حياة المنفى الشاقة، انه باق حيّاً بعلمه وسيرته الوطنية، فمَنْ له سيرته وخصاله وعلمه لا يموت... سلام لروحه الحية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. مدحت مندلاوي

    كان السيد واسع الثقافة و ( حقاني ) كما نقول بالبغدادية الدارجة . التقيت به في التسعينيات في مصيف صلاح الدين عندما كان معارضا للنظام . وحالما عرف بانني كردي فيلي ، تودد الى واجلسني الى جانبه . قال لي بالحرف الواحد ، انتم سكان العراق الاصليين ، انتم سكان شر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram