ما يشهده العراق اليوم من عمليات إرهابية منظمة تقودها دول عدة تحت مسمى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ما هو إلا واحد من الأساليب الخبيثة التي تحاول إسقاط العملية السياسية في البلاد وإرجاع العراق الى الوراء ، ولكن بسواعد أبنائه المخلصين سوف لن يقدروا عل
ما يشهده العراق اليوم من عمليات إرهابية منظمة تقودها دول عدة تحت مسمى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ما هو إلا واحد من الأساليب الخبيثة التي تحاول إسقاط العملية السياسية في البلاد وإرجاع العراق الى الوراء ، ولكن بسواعد أبنائه المخلصين سوف لن يقدروا على ذلك أبداً.
ان من ابرز التنظيمات الإرهابية المتطرفة اليوم هو تنظيم داعش ومن قبله تنظيم القاعدة وهما وجهان لعملة واحدة هدفها الأساس القضاء على الإنسانية بكل أشكالها وألوانها وإدخال الرعب في قلوب الجميع من خلال ما يقدمونه من صور بشعة في إزهاق الأرواح وقتل الأطفال والنساء وحرق دور العبادة وهدم الآثار والمعابد وتحطيم البنى التحتية للدولة وغيرها من الصور البشعة التي لا يكاد يتصورها العقل ولم يحدثنا التاريخ عنها.
وهم بأفعالهم الوحشية هذه لا ينتمون إلى أي معتقد أو دين سماوي أو غير سماوي بل نقول كما قال عنهم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بعد حادثة 11 أيلول (الإرهاب لا دين له) وهذه المقولة تنطبق عليهم بالفعل فهم لا يمتون لأي دين بصلة حتى وان تبجحوا وادعوا بأنهم تحت راية الإسلام او إنهم يطبقون شريعة السماء فهذا كذب وافتراء والدين منهم ومن أفعال وتصرفاتهم براء.
وقبل ان نضع العلاج المناسب لمواجهة التمدد الإرهابي واستفحاله في العراق علينا أن نبين أهم الأسباب التي أدت إلى نضوج تلك الجماعات في العراق ومن ابرز تلك الأسباب هي:
السبب الأول: التفكك والاحتراب السياسي والطائفي لدى الفرقاء السياسيين ولدا أرضية خصبة ومبررات هشة لظهور تلك الجماعات المتطرفة.
السبب الثاني: الجمود والتأويل الخاطئ للنص الديني ما ولد مذهبا سلفيا تكفيريا قشريا لا يميز بين المتشابهات والمحكمات من الأسس والمبادئ والمنطلقات الدينية ما جعلهم يكفرون كل من يختلف معهم بأبسط شيء ويستبيحون قتل الناس على أتفه الأمور, بل حتى وصل بهم الأمر إلى تكفير المذاهب الإسلامية المعتدلة التي تؤمن بالتعايش السلمي وتؤمن بوجوب حفظ النظام العام للدولة وعدم المساس بالآخرين.
السبب الثالث: قلة الوعي الديني والثقافي لدى الفرد العربي بصورة عامة والعراقي بصورة خاصة ما سهل الأمر لتك التيارات المنحرفة والتكفيرية أن تبث أفكارها وسمومها المتطرفة وتسوقها على السذج والبسطاء من الناس, مع إضافة بعض التأويلات الخاطئة والمنحرفة للنصوص الدينية جعل الكثير من الشباب ينخرطون في صفوف تلك التيارات التكفيرية ظناً منهم بأنهم بفعلهم هذا يطبقون الشريعة الدينية.
ومواجهة هذا التنظيم المتغطرس يكون من خلال ثلاثة محاور أساسية:
المحور الأول: هو الإشراك والاشتراك الحقيقي لجميع الإطراف السياسية في البلاد وتحمل المسؤولية الحقيقية في الدفاع عن العراق أرضاً وشعباً وحماية السيادة العراقية من التدخل الخارجي.
المحور الثاني: من خلال العمليات العسكرية البطلة والانتصارات الحقيقية التي يقدمها أبناء قواتنا الأمنية بمشاركة أبناء الحشد الشعبي وأبناء الفصائل المقاومة وأبناء العشائر خير دليل على صدقهم في الدفاع عن العراق بكل أطيافه وقومياته وبذل الغالي والنفيس من اجل سلامة العراق.
المحور الثالث: الأهم بنظري وهو تجفيف منابع الإرهاب من خلال توعية الشباب وبيان المنطلقات الفكرية المتزنة لديهم وعدم الانجراف وراء كل من هب ودب, ومعالجة هذا الأمر يكمن في رفع المستوى الثقافي والمعرفي للفرد وخلق جيل واعي ومتعلم لا يغمض عينيه ويصم سمعه وعقله أمام التفكّر والتدبّر بكل ما يُطرح ويراد له ان يكون أساسا ومنهجا تسير عليه الأمة في حياتها ومنهجها وسلوكها, لأن داعش تعتمد على هذه الشريحة في تقوية صفوفها ورفد مقاتليها من خلال عمليات غسل الدماغ التي تقوم بها وما لم نسارع الى توعية الأجيال القادمة فإننا لا نستطيع ان نتخلص من كابوس هذه التيارات التكفيرية المتطرفة.
وما تقوم به اليوم مؤسسة المدى في اربيل وللسنة العاشرة على التوالي من نشر الفكر والمعرفة وخدمة المؤسسات والمكتبات العلمية ودور النشر وإقامة الندوات الفكرية والتوعوية خير دليل على المساهمة الجادة والواقعية لتوعية المجتمع العراقي ورفع المستوى الثقافي لأبناء هذا البلد, فان معرض اربيل الدولي للكتاب لا يقتصر في برنامجه على إتاحة الفرصة لدور النشر لغرض تسويق منتجهم العلمي والثقافي فقط وإنما تقوم المؤسسة بعدة برامج وندوات طيلة أيام المعرض العشرة تهدف من خلالها مناقشة الآراء والتطورات الثقافية والفكرية وتعالج بعض القضاية الاجتماعية وتسهم المؤسسة أيضاً بإتاحة الفرصة المناسبة للكتاب والمبدعين من خلال عرض ما لديهم من أفكار وتطلعات فكرية ومعرفية تصب في خدمة الأجواء الثقافية العراقية.
فان مؤسسة المدى بإقامتها لمعرض الكتاب للسنة العاشرة على التوالي تسهم وتشارك في عمليات مواجهة الإرهاب وتقف في وجه التحديات التكفيرية المتطرفة التي تحاول زعزعة الأمن والاستقرار في العراق.