في اجتماع ضم ممثلين عن فرق التفتيش المكلفة بموجب قرارات مجلس الامن بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل مع مسؤول عراقي منتصف تسعينات القرن الماضي، عرض كبير المفتشين وثيقة تكشف عن وجود برنامج لتصنيع تلك الاسلحة، لم يقتنع بها الجانب العراقي لانها مزورة، ففي ذلك الوقت لم تكن مفردة "صاحب المعالي" مستخدمة في المخاطبات الرسمية، وذكر "المعالي" في الوثيقة يؤكد ان الجهة التي زورتها فاتها هذا الخطأ بحسب تصريح المسؤول المفاوض للتلفزيون العراقي الرسمي، في ذلك الوقت لاوجود لصفة او لقب ينافس الرفيق.
مفردات "دولة" رئيس الوزراء، وصاحب الفخامة، والمعالي، والسعادة، اجتثت مفردة الرفيق ومن حملها فانحسر استخدامها، واقتصر تداولها على بعض التنظيمات السياسية. في مدونته يقول الكاتب ضياء الشكرجي: في بعض دول العالم هناك مصطلحات تطلق على أصحاب المناصب السياسية العليا، وتسمى أحيانا، كما في العراق الديمقراطي الجديد، بالمناصب السيادية العليا. وعلى وجه الخصوص نشهد في الأنظمة الملكية مثل هذه التسميات، فيتقدم لفظ (الملك) عنوان (الجلالة)، فيقال (جلالة الملك) أو (جلالته)، كما ويتقدم لفظ (الأمير) عنوان (السمو)، أما أصحاب المناصب الأخرى في الدولة ابتداءً من رئيس الوزراء، فالوزير، فالسفير، فالنائب، فنجد مصطلحات (الفخامة) و(المعالي) و(السعادة) تتقدم عناوينهم الوظيفية وأسماءهم بينما الدول الديمقراطية في العالم الحر تخلت عن هذه الألقاب عملا بمبدأ المساواة بين المواطنين.
ويشير الشكرجي الى ان تداول مثل هذه التسميات مخالف لروح الدستور، حيث أن المادة (14) من الدستور تنص: «العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.». صحيح إن المادة تتكلم عن المساواة أمام القانون حصرا، إلا أن المساواة بين المواطنين على أساس مبدأ المواطنة من بديهيات النظام الديمقراطي الحديث، ومن هنا يكون هذا من قبيل التمايز والتفاضل المتعارض مع مبدأ المساواة.
المسؤولون في "العراق الجديد" حصلوا على القابهم بجهود شخصية بوصفهم يستحقون القابا رفيعة تقديرا لنضالهم الجهادي ضد الديكتاتورية، بحسب مزاعم بعضهم كانوا في عواصم عربية يبتعدون عن القادمين من بغداد، خشية ان يكون بينهم من رجال مخابرات النظام. احد نماذج هؤلاء، اصبح سفيرا للعراق في دولة اوروبية تضم آلاف العراقيين، سعادة السفير حول مقر السفارة الى مركز نشاط لحزبه، وفضل اختيار موظفيه وعناصر الحماية من الاقارب والمعارف من ابناء عشيرته، فتحول النشاط الدبلوماسي الى مهرجان اسبوعي لاعداد الدولمة والبرياني والفسنجون توضع على طاولة طويلة ليتناولها المناضلون من عناصر حزب سعادة السفير.
مئات العراقيين المقيمين في دول عربية تركوا اعمالهم وتوجهوا الى بغداد لاصدار جوازات سفر جديدة، لان السفارات في الخارج لاتمتلك امكانية اصدارها، وسعادة السفير لم يكلف نفسه مخاطبة الجهات الرسمية لحل المشكلة، لكنه بذل جهودا مضنية للحصول على الباميا وارسال كمية منها الى مقر عمله عبر رحلات الخطوط الجوية العراقية، الف عافية سعادة السفير.
سعادة السفير
نشر في: 10 إبريل, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!
د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...









