TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي يسحب الأقسام

العبادي يسحب الأقسام

نشر في: 10 إبريل, 2015: 09:01 م

عندما قلت وقال غيري: لقد نهض العراق، ما كان ذلك من باب التمني انما كنت اراه كذلك بعينيّ. لم اكتف بالزهو وانا انظر الى هامته ترتفع بل والى قدميه اللتين تتمشيان بثقة نحو النصر. لاحت لي تحتهما رؤوس الفتنة وبؤر الحثّ على الطائفية تنسحق وتتهشم. ضيّع الطائفيون صول جعابهم كما الدواعش الذين تطهرت تكريت من دشاديشهم الأفغانية المقرفة.
ما أجمل الأيام التي تأتيك بأخبار تزيدك ثقة بتوقعاتك. وما احلى التوقعات عندما تلامس خط اليقين. وأي يقين أصدق من ان ترى، لأول مرة، حاكما عراقيا ينزع الخوف الطائفي من قلبه: يسحب اقسام البندقية بيده ويسلمها مبتسما لمقاتل عراقي دون النظر لانتمائه الطائفي. هكذا فعلها حيدر العبادي، على الهواء، في الانبار على ارضها ووسط أهلها. وما أروع النيّة العراقية حين تصفو.
أحسنت الفضائيات فعلا بتركيزها على لقطة تسليم العبادي بندقية لمقاتل من أبناء عشائر الانبار: ها هي بيدك محشوة بالرصاص وها انا اسحب لك اقسامها بيدي فتوكل على الله. لا اظن ان حاكما عراقيا من قبله جسد الثقة بين الشيعي والسني بهكذا طريقة. لو كان بجيب المواطن الذي يقترب من صدام قلم رصاص لقتلوه، مهما كان مذهبه، خوفا على "الريّس". أما الذين أتوا من بعده فلا أقول غير: بهيه .. بهيه. ما الذي جعل العبادي لا يخاف من ان يسدد هذا الذي تسلم البندقية وهي جاهزة للرمي ومحشوة بالرصاص الى صدره؟ لا امتلك الجواب القطعي ولا اريد ان أجيب بالنيابة عنه. لكن تواجده المباشر في ساحات القتال بشكل شبه دائم يجبر حتى اعداءه على الاعتراف بصدق نواياه. ولو لم يكن كذلك لدعا أبناء العشائر الى الخضراء ليزودهم بمسدسات "مفضّضة" نقش عليها اسمه كما كان يفعل الذين من قبله. الأفعال في ساحات القتال وعلى الأرض الملتهبة لا يمكن أن تقارن ببطولات الخطب الباهتة خلف جدران المدن المسوّرة بأقوى الدفاعات وأغلى المكيفات. ولا بـ "أبطال" الساحات الخضر التي تعلو في سمائها روائح شواء السمك المسكوف كل أربعاء والمدفوع ثمنها من المال العام.
حين انتهت لقطة الثقة العراقية الصادقة تتبع قلبي خطى ذلك المقاتل الذي تسلم بندقيته. صرت اراه قد عاد الى اهله مرفوع الرأس قبل ان يودعهم صوب مقارعة الدواعش. مشى وكأني أسمعه يقول لأمه: أصبح عندي الآن بندقية.
يا الله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram