rnمحمد مزيدrnrnوضعت وفاة الاصلاحي اية الله منتظري امس الاول، والتظاهرات التي تبعتها ، اثناء تشييعه الى مثواه الاخير، وضعت الحكمة الايرانية في الميزان ، فهذا الرجل، لم يكن، طوال فترة اقامته الجبرية التي فرضتها النخبة الحاكمة حوله ، ساكنا ، او ساكتا عن قول الحق، سواء اكان الحق في الشأن الوضعي اوالغيبي، الذي هو، باعتراف اعدائه ، ضالع فيه ، كما هو ضالع في القانون الوضعي.
في ظننا ان النخبة الحاكمة ، قد تنفست الصعداء اخيرا، بمغادرة واحد من رعيل الثورة الايرانية التي زلزلت الارض تحت اقدام الشاه ومن المقربين الى الخميني ، بل كاد ان يكون خليفته لولا لذاعة لسانه ، وشدة انتقاده في مسارات الحكم والادارة التي يقوم بها المحيطون المقربون من اية الله علي خامنئي . واذا كانت الانتخابات الايرانية الاخيرة قد كشفت عن الوجه الاخر المخفي من الطريقة التي يتم فيها الاداء الحكومي ، من خلال نصرة احمدي نجاد ، وهو المحافظ المتشدد الذي " يحبه " الفقيه حبا جما ، وبالتالي اعادة انتاجه للرئاسة ثانية ، فأن الجانب الاخر غير المخفي من الردود المعاكسة لانتاج الرئيس قد كشفت عن نوع الشعور الذي يكمن في صدور قطاعات واسعة من الشعب الايراني ازاء نظام الحكم . ان تلك الردود المعاكسة ، من خلال التظاهرات الحاشدة التي خرجت ، بشكل عفوي ، وبدون تخطيط ، الى الشوارع ، لتعبر عن رأيها من تنصيب نجاد ثانية ، كانت كافية لترسم نوع الشعور العام الذي يعتمل في نفوس الشعوب الايرانية ، لتقول في الشأن الحكومي قولها الذي لايحمل تأويلات كثيرة . لقد كان صوت منتظري واحدا من تلك الاصوات التي ناشدت ولاية الفقيه ان تتخلى عن دعمها للقوة المحافظة التي ما عاد الشعب يتحمل ضغوطها المستمرة ، وان يفتح حيزا واسعا للاصلاح من اجل ان تنهض الحكمة الايرانية من رقادها التي وضعت فيه ، غير ان هذا الصوت الذي يقول عنه المراقبون كان الاقرب الى حقيقة الشارع وتطلعات الناس ، وخصوصا الشبان وطلاب الجامعة قد اخرس وهدد ، وجرجر العشرات من المتظاهرين الى المحاكم المدنية بجريرة او تهمة المشاركة بالوقوف الى جانب " الاستكبار العالمي " . ان حكاية ندا اغا سلطان لم يطوها النسيان بعد ، فهي ماثلة في الذاكرة الانسانية لتقول بصوت بليغ اي مأساة عميقة يمر بها الاصلاحيون في هذا البلد ، الذي امعن فيه المحافظون ، حسب تقارير صحفية اجنبية ، تكميما للافواه. وهؤلاء المحافظون لايقبلون اي صوت ينادي بعودة الحياة الى مجراها الطبيعي ، فيسمح مثلا للتعبير ان يأخذ فضاءه في الحرية وفي عدم التدخل الحكومي . لقد قتلت ندا نتيجة وجودها في المكان الخطأ الذي كانت فيه التظاهرات الحاشدة مشتعلة ضد نجاد ، وقال وقتها الرأي العام العالمي قوله في مقتلها . الاصلاحيون ، حسب ظننا ، لن يهدأوا في مطالبتهم بحقوقهم ، التي ابسطها ، كما نعرف هو السماح لحرية التعبير ان تتدفق لكي تتواصل ايران مع المنظومة العالمية في الحياة.
منـتـظري .. بـداية الاصلاح النهائي
نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 06:16 م