اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > لحوم الحمير دخلت البيوت والمطاعم.. وربما أنت أحد آكليها!

لحوم الحمير دخلت البيوت والمطاعم.. وربما أنت أحد آكليها!

نشر في: 23 أكتوبر, 2012: 05:41 م

أنت تعيش في العراق، إذن أدفع الثمن، حياتك، صحتك.. فكل شيء تفقده أنت عاجلا أم آجلاً!
أساليب وأنواع مختلفة من الإرهاب الأمني والغذائي والاقتصادي.. لحوم فاسدة، معلبات منتهية الصلاحية، مجازر عشوائية منتشرة في كل مكان، لحوم لا تعرف نوعها أو طعمها لكنها تحمل صفة واحدة هي "مذبوحة حسب الشريعة الإسلامية".
ظاهرة بيع لحوم الحمير ليست بجديدة في الأسواق العراقية ففي يوم 4/9/2009 تحديدا كانت صحيفة المدى سباقة في نشر تحقيق عن فتح مزاد لبيع (الحمير) نعم لبيع الحمير وبينا حينها أن المزاد يعقد في ساحة كبيرة تقع بين منطقة (الرحمانية ،والشيخ علي) وبحضور عدد كبير من المواطنين (المتعهدين) يتراوح عددهم ما بين المئة والمئة وخمسين، والذي يتأخر عن الحضور يكون حظه غير جيد وينتظر حتى الأسبوع القادم لعله يكون أفضل بالنسبة له، ويمثلون مختلف الشرائح المقسمة بين قصاب ومتعهد بيع اللحوم وأصحاب معامل صناعة الأغذية المختلفة الجاهزة، وباعة حيوانات (الحمير) بعضهم يأتون من المناطق القريبة من بغداد، أو من المناطق الشعبية التي ترعى هذه الحيوانات.
الحكاية تكبر
لكن الآن الحكاية كبرت وأصبح وراءها تجار كبار "كبر الضفدع وصار تنينا، فمتى ستقطع هذه الألسنة" التي تنادي بالعمل والتضحية من اجل الشعب المسكين المستكين الذي أصبح لا يميز ما يأكل أو حتى يشرب، أصبح حقل تجارب ومستودع للنفايات البشرية المستوردة والمهربة من الحدود القريبة والصديقة.
العراق مشاع للآخرين
يقول مدير عام مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية التابعة لوزارة الداخلية حسين علي  في تصريح لـ(المدى):إن "الوزارة تقوم بالقبض على كل من يقوم ببيع المواد المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستهلاك البشري، ولكن هناك عمليات تهريب كبيرة تتم عبر المنافذ الحدودية، اضافة الى استخدام (ليبلات) جديدة على المواد المنتهية الصلاحية التي يساعدهم بها أصحاب مطابع تنتشر في عدة مناطق في العاصمة، وأشار حسين في حديثه قائلاً: هناك عدة جهات تعمل على تدمير الاقتصاد العراقي والتسبب بالضرر لصحة المواطن ، فالامر إذن يحتاج الى تعاون المواطن ذاته بالإبلاغ عن هؤلاء المتلاعبين بقوت وصحة الشعب ونحتاج ايضاً إلى حملات تثقيفية للتوعية والابتعاد عن شراء هذه اللحوم والمعلبات (الاكسباير) وان يضع المستهلك صحته أمام عينه ولا يغره السعر المنخفض لهذه المواد، وأكد حسين في حديثه قائلاً: ان مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية استطاعت  اعتقال مروجي البضائع المنتهية الصلاحية وغلق معامل عديدة تقوم بتعبئة المياه غير الصالحة للشرب وتباع على أنها معقمة أيضاً.
ارتفاع الأسعار بسبب الحمير
وبعد زيادة وانتشار الشائعات أو (الحقائق) عن بيع لحوم الحمير في الأسواق العراقية ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء "السمك والدجاج" ارتفاعا منظورا وجعل المواطن يفكر ألف مرة عند تناوله الطعام ..
يقول المواطن صالح حسن لم آكل لحم الحمير لقد أصبحنا في حيرة ونتساءل: هل تناولنا تلك اللحوم يوماً في أحد المطاعم؟ لا أعرف لأنها مطاعم جيدة . واشار حسن في حديثه قائلاً: انا لا أميز طعم لحم الحمير عن بقية اللحوم لو كان على هيئة كباب أو كفته، شاورمة، لقد أصبحنا حقل تجارب حتى الطعام يتلاعبون بنا، بدأ الخوف يتسلل إلى قلوبنا، وعلق احد الشباب يدعى حامد وهو صاحب مطعم لبيع الكبة في منطقة السعدون قائلا: بعد انتشار خبر بيع لحوم الحمير اصبح الزبائن يعلقون بأنهم "يصفنون كثيرا" ويخافون من تناول اللحم الاحمر وهو ما سبب كسادا لنا  لعدة أيام لكن بعد أن اطمأنت الزبائن بان اللحوم هي عراقية وتحمل علامة "........" ورغم ذلك فهم يسألوني كل يوم "اللحم مو لحم حمير".
هذه مواصفات لحوم الحمير!
أكد العديد من المواطنين أنهم اصبحوا يحلفون  الجزارين ويسألونهم هل اللحم المعروض غنم أو بقر، وان يروا الدم حتى يطمئنوا بأنه ليس لحم حمير، يقول أبو كاظم  في العقد الرابع من العمر وهو قصاب في منطقة حي الجهاد لكنه يذبح على الرصيف القريب من حي السلام: لا نذبح إلا الأغنام العراقية! والناس لا تشتري اللحوم ما لم يروا الجزر بأعينهم، والدماء على الأرض، وأضاف ابو كاظم في حديثه: لون لحوم الحمير أحمر داكن إلى بني غامق يميل إلي الزرقة ورائحته سيئة وأليافه واضحة بارزة ودهنه قليل ولكنه مختلف عن الدهن العادي، هذا ما علمني إياه والدي فهو كان قصابا أيضا في السابق، قصاب آخر وهو كان يقوم بالذبح العشوائي ايضاً حيث الطريق من منطقة حي الجهاد مرورا بحي السلام والبياع حي العامل يشكل سلسلة طويلة من مجازر للذبح العشوائي والمنتشرة بشكل مخيف ويشوه منظر الأرصفة والعاصمة على حد سواء..
يقول القصاب العشوائي الذي جعل من الرصيف الواقع قرب كراج البياع مجزرة ومطعما في آن واحد: اللحم العراقي غال وسعر الكيلو يتجاوز 17000 ألف دينار وهو "ما يصرّف" بالبيع ولا ننكر اننا نخلطه بعدد من أنواع اللحم المستورد وخصوصا ما يسمى اللحم الهندي وعندما نشتري اللحم يكون على شكل قطعة كبيرة يتجاوز وزنها 12 كيلوغراماً ونحن كقصابين ولخبرتنا في المهنة نقول إن اللحم المستورد او ما يسمى اندنوسي ليس لحم بقر او عجل انما حيوانات لا نعرف أنواعها و ان أي قطعة من هذا اللحم لن تباع شريحة  وإنما مثرومة حتى يسهل طهيها وإذا طبخت حتى لو قطعت إلى قطع صغيرة لن تنضج. والمواطن يشتري هذه الأنواع من اللحوم وهو يعلم أنها مستوردة ولا يهمه من أي نوع وحقيقة لا يمكن بيع "لفة الكباب المشوي" بألف دينار اذا لم نخلط اللحوم ، وعادةَ ما تزدحم عيادات الأطباء والمستشفيات بمرضى التسمم الغذائي بسبب تناول بضائع الأجبان أو المعلبات أو اللحوم المجمدة المنتهية الصلاحية والتي غالباً ما تباع بسعر أقل من تلك البضائع الصالحة للاستهلاك البشري ومع الأسف المواطن يتناولها!
إرهاب متنوع
ويبدو أن الامر لم يتوقف الى هذا الحد بل أصبح الإرهاب الغذائي متنوع الأشكال والأنواع ويعزو متخصصون غياب الدور الرقابي والتشريعي للدولة، بالإضافة إلى الفساد الإداري والمالي المستشري في البلاد، فضلاً عن امتلاء المخازن بالبضائع الفاسدة ذات الأسعار الزهيدة، من الأسباب التي ساهمت في رواج بضائع "الاكسباير" في العراق هل حياته أصبحت رخيصة إلى هذا الحد الذي أصبح يتناول لحم الحمير في أغنى بلد بالنفط والثروة الحيوانية ...
تقول نغم  وهي موظفة في احدى الوزارات : توجد معلبات قديمة في الأسواق ولو نحن لا نتناولوها  مثل الأجبان واللبن ولكن الناس البسطاء لا يعرفون إذا انتهت صلاحيتها، والبعض الآخر يقول نحن عائلة كبيرة والأكل الطازج في السوق غال علينا! ولكن العيب في أصحاب المحال الذين يبيعون لأجل الربح الحرام وحتى إذا طبع التاريخ طبعوه على المعلبات القديمة، والآن يقولون إن اللحوم الحمراء لا تخلو من كونها لحم حمير، أين الكمارك من كل هذا؟ ثم أين هو جهاز التقييس والسيطرة النوعية؟ أيجوز أن يأكل العراقيون مواد تالفة منذ أكثر من عقدين من الزمن؟! وان الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، التابع لوزارة التخطيط العراقية، هو المسؤول عن فحص البضائع عند منافذها الحدودية البالغة 23 منفذاً.
الرأي الاقتصادي
يقول محمد صادق أستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة المستنصرية في تصريح لـ(المدى): بصراحة من يقف وراء أسباب ارتفاع أسعار اللحوم العراقية بنوعيها (الغنم ،والعجل ) هو التهريب الذي يعتبر الحلقة المفرغة لأسواقنا المحلية وملء أسواق الدول المجاورة، لان نوعية اللحوم العراقية  تفوق اللحوم الأخرى لهذا نجد حاليا انه لدينا أزمة في تربية الحيوانات وارتفاع أسعارها مما جعل المواطن العراقي يلجأ إلى اللحوم المستوردة وعدم وجود رقابة صحية أو مجازر مجازة من وزارة الصحة والداخلية، لذلك يجب أن يتم افتتاح مجازر صحية حكومية بإشراف وزارة الزراعة والصحة .. أنه ليس بالأمر الصعب والبعيد المنال، الامر اصبح يحتاج الى متابعة جدية فالاقتصاد العراقي يتدمر يوما بعد يوم والفساد المالي استشرى في جميع مؤسسات الدولة ووصل الامر الى الاتجار بصحة العراقي أين الرقابة الصحية من تلك المحال؟ وما عدد المحال التي أغلقت حتى يومنا هذا؟ وأين الشروط الصحية للذبح خارج المناطق المخصصة وأين الختم الأزرق الذي كنا نشاهده على اللحوم المعلقة في تلك المحال؟؟ اختفت جميعها، ولم يعد لها وجود ومع اختفائها اختفت الثقة لدينا تجاه محال القصابة التي تذبح خارج المجازر الصحية الرسمية ، إذا كانت موجودة أصلاً!
الأمانة تعلق الذبح
وأوضح مدير إعلام مكتب أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة في تصريح لـ(المدى):"أن الأمانة تتابع باستمرار أماكن الجزر القانونية المنتشرة في مناطق مختلفة في بغداد وان تكون اللحوم الخارجة منها مفحوصة ومرخصة، وايضا يدخل ذلك ضمن مسؤولية الجهات الرقابية في المديرية العامة للبيطرة التابعة لوزارة الزراعة، واضاف حكيم في حديثه أن أمانة بغداد وبالتعاون مع الدوائر البلدية التابعة لها تعمل على عدم السماح لحركة المواشي والدواب داخل المدينة وحجز الأغنام والمواشي وأخذ تعهدات من أصحابها بعدم تكرار المخالفة حرصا منا على عدم تفشي الظاهرة  لكن الامر ينتشر يوماً بعد يوم مع الأسف ويحتاج الى توعية المواطن بعدم الشراء منهم . وأضاف عبد الزهرة "إجراءاتنا موجودة لكن لا يوجد هناك تعاون من الجهات المختصة".
وأشار الى ان "أمانة بغداد حددت أماكن لبيع المواشي في مناطق الأطراف البعيدة والمعزولة عن المدن، لكن أصحاب المواشي هم من يخرجون على الضوابط والقوانينط.
وزارة الصحة
وأكد وكيل المفتش العام في وزارة الصحة الدكتور احمد الساعدي في تصريح لـ(المدى) :إن الوزارة تتبع إستراتيجية معينة ومتطورة بفحص الأغذية وبالتعاون مع الوزارات الأخرى وعندما تكتشف وجود أمراض او بكتريا انتقالية او سرطانية تقوم بوضع ذلك المنتج الغذائي بقائمة الممنوع تناوله وتخبر السلطات المسؤولة الأمنية والصحية بضرورة توعية المواطن وسحب المنتج من السوق.
الرأي القانوني
أما الخبير القانوني علي سعيد  فقال في تصريح لـ(المدى): إن الامن الغذائي عنصراً مهما لحماية المواطنين من جرائم الغش التجاري والصناعي. وعليه فالإجراءات القانونية التي يجب أن تنفذ بحق متداولي الغذاء المغشوش تتم على مراحل عدة بدءاً من فرض الغرامة المالية التي تحدد بسعر السلعة مضروباً في ثلاثة أضعافها والحجز على المنتج ومصادرة ما في الأسواق وفرض عقوبة السجن على صاحب الغش الصناعي وسحب إجازة الإنتاج من الممارسين لتلك الجرائم. ولقد نص القانون العراقي على أن الذبح في اماكن غير المجازر الحكومية والأهلية التي تخصص للاستهلاك البشري (الأغنام، الماعز، البقر، الجاموس، الجمل) فقط ولم تشمل ذبح لحوم الحمير وجعلها صالحة للاستهلاك البشري لان ذلك مخالفة يعاقب عليها القانون العراقي وتدرج ضمن فقرة الغش الغذائي والصناعي ويحاسب عليها القانون الخاص بقوانين السيطرة النوعية وتحدد العقوبة حسب جسامة الضرر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو ناصر

    ان الشعب العراقي المسكين اصبح لايعرف اين الصدق والكل يتاجر به وبامواله واني احمل احمل هؤلاء الاوغاد والمرتزقة الذين ابتلينا بهم والذبن لايفقهون شيئا من ابسط الحقوق للانسان البدائي وليس الانسان الحضاري في الوقت الحاضر فالشعب لايرى الخير مادام نواب البرلمان

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram