TOP

جريدة المدى > عام > إيزابيل الليندي : معتقدي في الحياة هوالعطاء

إيزابيل الليندي : معتقدي في الحياة هوالعطاء

نشر في: 14 إبريل, 2015: 12:01 ص

عشت حياتي بحماس واندفاع،محاولة ان انجز اشياء كثيرة جدا،ولم يكن عندي وقت ابدا للتفكير في معتقداتي الى ان سقطت ابنتي باولا ذات الثمانية وعشرين عاما فريسة المرض،وظلت لمدة عام كامل في غيبوبة وكنت اعتني بها في البيت ،الى ان ماتت بين ذراعي في كانون الاول 1

عشت حياتي بحماس واندفاع،محاولة ان انجز اشياء كثيرة جدا،ولم يكن عندي وقت ابدا للتفكير في معتقداتي الى ان سقطت ابنتي باولا ذات الثمانية وعشرين عاما فريسة المرض،وظلت لمدة عام كامل في غيبوبة وكنت اعتني بها في البيت ،الى ان ماتت بين ذراعي في كانون الاول 1992.
في العام الذي كانت تعاني فيه من الاحتضار ،وما تلاه من اعوام حزني على فقدانها،توقف كل شيء بالنسبة لي ، فلم اكن افعل شيئا سوى البكاء واسترجاع الذكريات،ومع ذلك ،فان تلك السنة منحتني فرصة لامعن النظر في رحلتي في الحياة والمبادئ المتمسكة بها معا ،لقد اكتشفت ان هناك ارتباطا بين معتقداتي وكتاباتي والطريقة التي اعيش فيها حياتي،فانا لم اتغير ابدا فلا زلت تلك الفتاة التي كنتها قبل خمسين عاما ،ولا زلت تلك الشابة نفسها التي كنتها في السبعينات،ولا زلت عاشقة للحياة،ولا زلت مستقلة بذاتي الى حد بعيد،ولا زلت تواقة الى العدل ،ويمكن ان اقع بشكل مجنون في الحب وبسهولة.
وحين كانت باولا راقدة في الفراش مشلولة وصامتة تعلمت منها درسا،والذي هو الان تعويذتي ،(انت تملك بقدر ما تعطي)،وبقدر ما تعطي من نفسك بقدر ما تغتني نفسك.
كرست باولا حياتها في العمل في الخدمة العامة،عملت كمتطوعة لمساعدة النساء والاطفال،ثماني ساعات في اليوم ،ستة ايام في الاسبوع،ولم تكن تملك اي مبلغ من المال ،ولكن ما كان تطلبه كان قليلا جدا،وعندما ماتت لم تكن تملك شيئا ولم تكن محتاجة شيئا،خلال فترة مرضها كان يتوجب عليّ ان انسى و اترك التفكير في كل شيء ،ضحكتها،صوتها ،حلاوتها،جمالها،صحبتها واخيرا روحها،وعندما ماتت ابنتي اعتقدت انني فقدت كل شيء، ولكني ادركت حينها انني لا ازال املك الحب الذي منحته اياها،ان لا اعرف حتى ان كانت قادرة على تلقي ذلك الحب ،فلم تكن تستطيع ان تجيب باية طريقة،فقد كانت عيناها داكنتين الى الحد الذي لا ينعكس فيهما الضوء ،ولكني كنت مليئة بالحب وكان ذلك الحب ينمو ويكبر ويؤتي ثماره .
كان ألم فقدان ابنتي تجربة لتطهير وتنقية الذات،كان عليّ ان اتخلص من كل ما يزيد عن حاجتي واحتفظ بالاشياء الضرورية فقط،وبسبب من باولا فلم اكن احتفظ باي شيء زائد عن الحاجة ،والآن فانا ارغب بان اعطي اكثر مما آخذ ،واكون اكثر سعادة عندما احب اكثر مما اُحَب،فانا مولعة بزوجي ،ابني،احفادي ،والدتي،كلبي ،وبصراحة فانني حتى لا اعلم حتى ان كانوا يحبونني ام لا،ولكن من يهتم لذلك؟ فسعادتي تكمن في حبي لهم.
دائما يجب ان نعطي ونعطي ونعطي،ما الفائدة من ان نمتلك خبرة ومعرفة وموهبة اذا لم نستطع ان نمنحها للاخرين بلا مقابل ؟ما الفائدة من ان اعرف قصصا اذا لم اروِها للاخرين ؟ اذا ما امتلكت ثروة ولم اشارك الاخرين فيها ،فانا لا اريد ان تحرق مع جثتي اي من تلك الاشياء ،ففي منحي لها اتواصل مع الاخرين،مع العالم ،مع السماء.
والعطاء وحده هو الذي يجعلني اشعر وكأن روح ابنتي لا زالت تسكن في داخلي ،مثل طيف رقيق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram