TOP

جريدة المدى > عام > هل خنق النازيون خيال غراس ؟

هل خنق النازيون خيال غراس ؟

نشر في: 15 إبريل, 2015: 12:01 ص

تحوّل غونتر غراس، الروائي الألماني الحائز على جائزة نوبل، الى مجادل منسي بدلا من كتابة المزيد من الروايات العظيمة مثل " طبل الصفيح " . هناك أمر مخيب للظن في غراس لا يتعلق باعترافه بخدمته في الشرطة السريّة أو بالغضب الذي شعر به الكثيرون عندما جنّد الك

تحوّل غونتر غراس، الروائي الألماني الحائز على جائزة نوبل، الى مجادل منسي بدلا من كتابة المزيد من الروايات العظيمة مثل " طبل الصفيح " . هناك أمر مخيب للظن في غراس لا يتعلق باعترافه بخدمته في الشرطة السريّة أو بالغضب الذي شعر به الكثيرون عندما جنّد الكلمة المكتوبة بشكل مفاجئ للهجوم على القومية الألمانية المتراصّة و اعترافه بأنه كان جزءاً من آلة الحرب النازية، و انما لأن المجادل الغاضب في داخله قد تفوّق على الكاتب المبدع.
كانت السياسة والخيال أمرين ضروريين لكتاباته بطبيعة الحال، لكن أفضل أعماله جاءت عندما كان الاثنان في وئام. في الواقع لم تأت قدرته على معالجة الحقبة النازية من كونه رافضا شجاعا لجرائمها، نحن نعلم انه لم يكن شجاعاً، بل ان القوة الكاسحة لرواية " طبل الصفيح" جاءت من انتقاداتها الحادة للشخصية الألمانية. يقول سلمان رشدي ان الدرس المستنبط من " طبل الصفيح " هو "ان تحاول القيام بالكثير، ان تستغني عن الأمان، و تأخذ نفسا عميقا قبل البدء بالحديث، و تهدف للنجوم، و ان تكون قاسياً، ان تجادل العالم أجمع". الإصرار على الجدل قاد غراس الى أعظم انتصار، لكن عندما جعل نفسه صوتاً لضمير أمته صار أكثرانتقادا و أقل ابتكارا. كيف يتحول رجل يحمل خيالا واسعا الى مصدر إزعاج بعد ان صار يتذمر من كل شيء. ألم يكن هناك شيء نحتفي به ؟ ألم تكن هناك فائدة من هزيمة هتلر ؟.
يشك المرء في أن غراس صار يشعر و كأنه حارس لا يمكن ان يغفل شيئا حتى لو غفل الآخرون من حوله. فمثلا، عندما كان يرى الإثارة و الحشود المحتجة التي تمكنت من إسقاط جدار برلين، لم يكن يرى غير الخطر، و كأن لسان حاله يقول ان الأفضل لألمانيا ان تكون مفككة على ان تكون متفوقة حتى عندما كان مواطنوه يندفعون نحو التوحّد. أصبح ديدنه الجلوس و الحكم على العالم من حوله، محذرا من قرب العذاب في الوقت الذي قلّ اهتمام العالم به. كان الأجدر به ان يقضي المزيد من الوقت في كتابة الكتب العظيمة، لكن حقيقة كونه لم يفعل ذلك تقود الى استنتاج أو أكثر؛ إما لعدم قدرته على الكتابة أو انه لم يرغب بالكتابة و في هذه الحالة علينا ان نسأل لماذا؟ ربما يكون الجواب على ذلك هو ان خوفه من التطرّف السياسي الذي شهده كان كبيرا لدرجة انه كان على استعداد للتضحية بجزء كبير من موهبته لأجل التحذير من احتمال عودة ظهور ذلك التطرّف. و اذا كان قد اضطر فعلا لهذه التضحية فانها جريمة مروعة أخرى تتحملّها النازية.
عن : التلغراف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة
عام

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

د. نادية هناوي جددت المدرسة الانجلو أمريكية في بعض العلوم المعرفية كعلم النفس اللغوي وفيزياء الأدب وعلوم الذكاء الاصطناعي أو أضافت علوما جديدة كانت في الأصل عبارة عن نظريات ذات فرضيات أو اتجاهات كعلوم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram