TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سرّ الاعتراض على قرار العبادي

سرّ الاعتراض على قرار العبادي

نشر في: 14 إبريل, 2015: 09:01 م

للوهلة الأولى تعجبتُ وأنا أقرأ وأستمع الى تصريحات وتعليقات تنتقد رئيس الوزراء عن قراره بإحالة 300 ضابط على التقاعد، فخطوة كهذه انتظرناها ما يزيد عن ستة أشهر، منذ تشكيل حكومة السيد العبادي، ومجموع التصريحات والكتابات المطالبة العبادي بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية يؤلف مجلداً ضخماً بعدة أجزاء.
حتى قبل حدوث نكبة العاشر من حزيران 2014 (سقوط نحو ثلث مساحة البلاد في أيدي داعش من دون مقاومة)، كان العشرات من السياسيين والخبراء العسكريين والأمنيين والكتّاب ينصحون بإعادة الهيكلة هذه ويحذّرون من ان المؤسسة العسكرية والأمنية قد ضربها الفساد الإداري والمالي، والفساد السياسي أيضاً، وانها ليست المؤسسة التي يُمكنها أن تنهض بمهماتها وواجباتها الوطنية، لأنها ليست مستندة الى أسس مهنية ووطنية كما يُفترض.
وعندما وقعت واقعة العاشر من حزيران الصادمة والمهينة، صار المطالبون بإعادة الهيكلة يُعدّون بالمئات. وإذ مرّت عدة أشهر على تشكيل الحكومة انتقد بعضنا رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، عن "تأخّره" في المباشرة بإعادة الهيكلة والإقدام على خطوات وقرارات شجاعة وحتى "مؤلمة" في هذا الشأن.
والآن إذ يتخذ السيد العبادي الخطوة الصحيحة المُنتظرة، يرفع البعض صوته بان هذا القرار غير موفق أو غير صحيح أو خاطئ أو ان توقيته غير ملائم، والحجة المقدّمة اننا في حال حرب! ومن المفترض ان حال الحرب هي الأكثر ملائمة لإعادة الهيكلة لأنه من غير المعقول أن يُبقي القائد العام للقوات المسلحة في الخدمة القيادات العسكرية والأمنية نفسها المسؤولة، بهذا القدر أو ذاك، عن نكبة العاشر من حزيران.
سرّ الموقف المناهض لرئيس الوزراء في قراره ربما نجده في ما كشفه مصدر أمني من ان أغلبية الضباط الذين أحالهم السيد العبادي على التقاعد هم ممن يُعرفون بـ "ضباط الدمج"، أي الضباط غير المسلكيين أو غير النظاميين (طريق الشعب أمس).
"ضباط الدمج" هم في الغالب ضباط حزبيون كانوا ضمن التشكيلات العسكرية لقوى المعارضة في عهد النظام السابق ممن أُلحقوا بالمؤسسة العسكرية والأمنية، إكراماً لهم وتقديراً لنضالهم السابق أو لتأمين نفوذ سياسي لأحزابهم في المؤسسة العسكرية والأمنية، وربما كان الإجراء الأوفق هو إعادة تأهيلهم أكاديمياً ليأخذوا دورهم في المؤسسة النظامية أو أن يُعاملوا بوصفهم محاربين قدامى.
أخشى أن يكون سرّ الحملة على قرار العبادي كامناً في هذا، أي ان المعترضين قد راعوا في موقفهم المصالح الحزبية، وحتى الشخصية، وقدّموها على المصلحة الوطنية التي اقتضت منذ سنوات مكافحة ظواهر الترهل والفضائية وعدم الكفاءة في المؤسسة العسكرية والأمنية، بل في كل مؤسسات الدولة. ولو كان هذا قد حصل منذ سنوات ما كنّا، على الأرجح، قد واجهنا نكبة العاشر من حزيران وعواقبها الكارثية المستمرة حتى اليوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram