اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ثعالب العراق وعبواتهم الناسفة

ثعالب العراق وعبواتهم الناسفة

نشر في: 15 إبريل, 2015: 09:01 م

مات غونتر غراس، لكن أعتقد أنّ قصته لن تموت، مثلما يعتقد شخصي الضعيف، أنّ قصة بلاده ألمانيا ليست قصة واحدة ولارواية واحدة، لأن هذه البلاد التي دمرت في حربين كونيتين، أعادت في سنوات قليلة، بناء المدن، والمصانع، والمدارس والبيوت، ما هو السر؟ يتساءل الفرنسي جاك اتالي، ونراه يعثر على الجواب في خطاب ألقاه المستشار الألماني فيللي برانت عام 1970 يقول فيه "في مقارنة بين ألمانيا ما بعد الدمار وبريطانيا التي قادت انتصار الحلفاء، نكتشف أنّ الإنكليز يعرفون، لكننا شعب يطلب المعرفة، لذلك استوعبنا ونقلنا كل مانراه " هل تعرفون مَن كان كاتب خطابات المستشار الإلماني؟ إنه غونترغراس نفسه الذي قالت عنه المستشارة ميركل قبل يومين: " لولا المداخلات المتواصلة والنقاشات التي كان يثيرها غراس في مجتمعنا، لربما كانت ألمانيا مختلفة عما هي عليه اليوم "
استقال فيلي برانت الحاصل على جائزة نوبل للسلام والذي اعترف لشعبه بأنه لقيط لايعرف له أب ولا أُم، من منصبه عام 1974، لأن الأجهزة الحكومية أبلغته بمخالفات ارتكبها أحد مساعديه.
تلتقي اليابان وألمانيا وسنغافورة ومعها كوريا الجنوبية على مشترك واحد رفاهية الشعوب وطي صفحة الماضي، فيما نلتقي نحن سكان هذه البلاد على مبدأ واحد، الرفض للشريك في هذا الوطن، وإلغاء الآخر باعتباره خطرا،، والسعي الى الانغلاق على العالم، فكل محاولة لإصلاح ما تم تخريبه من قبل " فخامة " السيد نائب رئيس الجمهورية، انبطاح للإمبريالية، هكذا خرجت علينا بعض القوى السياسية لتقول: " إنّ إحالة حيدر العبادي لمئات الضباط إلى التقاعد تأتي تنفيذاً لـ″نصائح″ أميركية وتناغماً مع إدارة أوباما ". ولم يسأل السادة المعترضون أنفسهم ترى هل جيش من جيوش العالم يضم أكثر من 100 فريق ركن؟.
لم تعد المصالحة طريقاً لبناء الوطن، فقد عدنا من جديد إلى عالم السيارات المفخخة، الساسة الذين يرفعون شعار" اللحمة الوطنية " و " الشراكة والتوازن "، لكنهم يحرقون الشوارع والمدن اذا ما تعارضت مصالح البلاد مع مصالحهم الشخصية.
هناك العجب أيضا ايها السادة.. هذه المرة من العاصمة واشنطن، أوباما يطالب دول الجوار باحترام سيادة العراق، ياسيدي شكراً لك من العاصمة بغداد، وأتمنى عليك لو نصحت الساسة العراقيين باحترام سيادة العراق لكان ذلك أكثر نفعاً.
استخدم غونتر غراس الصراحة المُرّة، من أجل أن ينبّه ملايين الألمان الى قصة الأمس بكل مآسيها وأحزانها من اللحظة التي لوّح بها هتلر بيده اليمنى، إلى لحظة وقوف فيلي برانت دامع العينين أمام نصب ضحايا الحرب العالميىة الثانية في موسكو.
الخطب الغوغائية لاتجلب سوى الدمار، الدول المطنئنة، يصنعها الأحرار أصحاب النوايا الصادقة.. لا اصحاب العبوات التي تتسلل في جنح الظلام.
يكتب غراس في خطاب يوجه للبرلمان الألماني حول الموقف العنصري من المهجّرين: " اعتماد الثعلبة مبدأ سياسي طريق قصير ونهايته كارثية ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. شاكر

    أستاذ علي المحترم تحية طيبة شيء جميل ان تعيد الى الذاكرة أهمية دور المثقف والكاتب في رسم مستقبل الشعوب من خلال الكتابة عن الكاتب الألماني غراس والأورغواياني الراحل قبل أيام.أما نحن لإامامنا حل واحد: أما أن نلغي الثقافة الدينية المترنحة الظلامية أو نق

  2. وصفي الوروار

    طرحٌ يشاد له على نبضات الحقيقة اتمنى لو من الشاب المنزوي تحت طيات الفيسبوك ان ياتي الى هنا ليقرأ شكرا من اعماق القلب ..

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: 21 عاماً في محبة المدى

 علي حسين إسمحوا لصاحب هذا العمود أن يحتفل مع زملائه بدخول العام الحادي والعشرين لصحيفة (المدى)، وأن يعترف علنًا أنه لم يكن يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية جيدًا، ولا يفهم أنظمتها الجديدة التي تشكلت...
علي حسين

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين

الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية

فاضل ثامر عندما بدأت جريدة المدى في الصدور، بعد الاحتلال وتحديدا في 5/8/2003، كنت ضمن كادر محرريها المحدود، حيث اتخذت لها مقراً متواضعاً في شارع فلسطين.. وبقيت أعمل في الجريدة تحت إشراف رئيس تحريرها...
فاضل ثامر

الـ (المدى).. أيقونة الصحافة العراقية

د.قاسم حسين صالح اوجع مفارقة بتاريخ العراقيين هي تلك التي حصلت في التاسع من نيسان 2003،ففيه كانوا قد حلموا بالافراح بنهاية الطغيان، فاذا به يتحول الى بوابة للفواجع والأحزان.فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram