اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > لماذا تركوني أموت ؟

لماذا تركوني أموت ؟

نشر في: 20 إبريل, 2015: 12:01 ص

بغداد / المدى
منذ أسابيع مضت كنت عائدا من رحلة عمل ... وساقتني الاقدار الى شارع ( سوق هرج ) في الميدان وبالقرب من باب احد محال النجارة ... تسمرت قدماي امام مشهد مؤلم وحزين لشاب ممدد على الارض يبدو لأي قادم انه ميت .. ولكنه ليس بميت ... تخرج من فمه ب

بغداد / المدى

منذ أسابيع مضت كنت عائدا من رحلة عمل ... وساقتني الاقدار الى شارع ( سوق هرج ) في الميدان وبالقرب من باب احد محال النجارة ... تسمرت قدماي امام مشهد مؤلم وحزين لشاب ممدد على الارض يبدو لأي قادم انه ميت .. ولكنه ليس بميت ... تخرج من فمه بعض الرواسب ... لا يقوم حتى بحركة واحدة ... فقط تأكدت من انه على قيد الحياة عندما شاهدت نبضات قلبه اة تتلاحق في سرعة رهيبة !.. ودون ان ادري اقتربت منه وانادي عليه ... كنت اعلم ان صوتي سيذهب ادراج الرياح ... كان يبدو وكأنه يسبح في غيبوبة لا يشعر بما يدور حوله ... حتى الناس الذين يمرون من جانبه يأخذون حذرهم ربما خوفا من تصرف مفاجئ يصدر عنه ... عدة دقائق وقفت امامه في حزن ... فقد احسست بأنه يعاني من نوبات صرع ويحتاج الى من ينقذه ... وبالقرب من الرصيف الذي رقد عليه ... سمعت كلام حديث ناس قريبين يقولون : انه متسول ويشرب المخدرات وهذه نهاية شرب المخدرات ... وعندما يفيق يغادر المكان ويذهب الى مكان آخر وفي كل مرة نجده في شارع ورصيف آخر ! ربما كان كلام الناس صحيحا وما رأيناه صورة متكررة في شوارعنا لاشخاص اصبحوا يسيرون بيننا وهم في حالة غير طبيعية ... يرتدون ملابس رثة ويهذرون بكلمات غير مفهومه ! اخذت صورة للمشهد المؤلم وغادرت المكان عائدا الى عملي وسؤال واحد كان يتراقص فوق شفاهي : من يكون هذا الشاب ؟ وما قصته ؟ وهل هو مريض ام مجنون ؟ ام مدمن مخدرات ؟
ونشرت الصور على صفحة الفيسبوك ووضعت عنوان له ( لماذا تركوني اموت ؟ ) وتخيلت ان الموقف توقف عند هذا الحد ولم اطمع في اكثر من هذا ... حتى جاءت رسالة لي من سيدة سألتني عن مكان هذه الصورة التي نشرتها منذ اسبوعين ؟ لم يكن السؤال مفاجأة بقدر ما اثار فضولي ... وظننت أنها ربما تريد ان تعطف عليه ... سألتها عن السبب ... وفاجأتني بالاجابة ... ربما يكون زوجي ... الذي ابحث عنه منذ اربع سنوات ... وتوقفت حياتي بعد اختفائه لاسباب كثيرة ... طلبت مني السيدة ان ارافقها اذا سمحت الى مكان تواجده ... ربما تعرفت عليه وانقذته من غيبوبته .. في اليوم التالي جاءت الى مكتبي امرأة شابة ... ترتدي ثيابا لونها اسود ... جميلة الملامح ... عيناها تبدوان مجهدتين ربما من كثرة الدموع او بسبب مشاكل مرت بالاسرة ... غادرت معها باتجاه سوق الهرج ... عندما وصلنا كانت المفاجأة ... ان الرجل الذي كان اشبه بالميت اختفى من المكان ... غادر الرصيف ولا احد يعلم الى اين ذهب ... هل مات بالفعل ... ام افاق من غيبوبته التي كان بالامس غارقا فيها وتلمس طريقه بين الناس الى مكان آخر يرابط فيه ... قد يكون رصيفا جديدا او حديقة عامة او منطقة مهجورة ! سألنا صاحب احد المحال عن الرجل الذي كان ينام على الرصيف ... ابتسم الرجل واجابنا قائلا : كل يوم يبات عند باب محل ... فتحت محلي في اليوم التالي ولم اجده ...نحن اصحاب المحال تعودنا على هذه الشاكلة من الناس ... احيانا نعطف عليهم واحيانا نخشاهم ونخشى حتى الاقتراب منهم ... طبيعي ان اسمع هذا الجواب ... وعدت بالسيدة الى مكتبي وطول الطريق كان سؤال حائر في ذهني ... من يكون هذا الرجل ... وهل كان بالفعل زوج هذه المرأة الشابة ... هل هو صاحب الصورة التي اتت بها الينا زوجته الشابة ... اسئلة كثيرة تحمل علامات استفهام للاجابة لكن سؤال آخر كان يطارني ... من تكون هذه السيدة الشابة ؟ وما قصتها ؟ .. وصلنا الى المكتب وجلست (هـ) امامي يشاركها الصمت في البداية ... ثم تحدثت لي قائلة : بعد ان استدعت خلالها شريط ذكرياتها عندما احبت امها شابا من دولة الكويت ... قصة حب توجاها بالزواج السريع وعاش الزوجان قصة حب طويلة ... توجاها بفتاة جميلة اسمياها (هـ) ولكن سرعان ما هبت رياح حرب الخليج فرجعت الاسرة مرة ثانية الى العراق وافتتح الاب محل حلاقة نسائي رجالي وجاء (ج) شاب طموح ... دمث الاخلاق ليدير لابيها المحل بمهارته في قص شعر الرجال والشباب وسارت الامور طبيعية ... حتى التقت (هـ) ذات يوم واثناء زيارتها لوالدها بالمحل بالشاب (ج) ... تلاقت نظراتهما ثم سرعان ما جمع الحب بين قلبيهما ... (هـ) توسمت فيه الشهامة وطبية القلب و (ج) احب فيها رقة مشاعرها وتواضعها ... فهي ربة بيت وحضن دافئ كان في حاجة اليه ... تقدم لخطبتها .. وافق الاب وتمت مراسيم الزواج بسرعة وحمل العريس زوجته الى بيت الزوجية ... لكن كان هناك وجه آخر للزواج لم تستطع (هـ) ان تكتشفه الا بعد الزواج بشهور قليلة .. بعد خمسة أشهر من الزواج ... حملت (هـ) وزفت اليه الخبر الذي يتمناه كل اب .. حينما اخبرته أنها حامل ... تهللت اسارير الزوج ... لكن الشيطان كان قد حجز مكانه في بيت (هـ) ... ذات مساء اكتشفت (هـ) ان زوجها مدمن على الاقراص المخدرة ... وصرخت في وجهه بصوت عال ! انت مدمن ... ليش مدمن ... اكو شي ناقصك ... وعجز (ج) عن الرد ... فقد كان غائبا عن الوعي .. في دنيا اخرى ... لم تكن مخدرات علاجية بل حشيشة تسيطر عليه يوميا ... بعد اشهر اكتشفت الزوجة ان هذا الرجل الذي يحمل لقب زوج هو خطر على حياتها وحياة ابنتها القادمة في الطريق ! طلبت منه الطلاق والكلام هنا للزوجة ... ولما رفض اسرعت وقدمت طلبا الى المحكمة للتفريق ... بعد سنة حصلت على الطلاق ... ولكن ظلت العلاقة بينه كأب وبين طفلته الصغيرة (ل) وظنت ان المشاكل انتهت عند هذا الحد ... وكبرت البنت الصغيرة والتحقت بالمدرسة .. حتى فوجئت بزوجها السابق قد اختفى تماما ! حتى ذات يوم رأه بعض الاصدقاء هائما في الشوارع ... يرتدي ملابس بالية ... اصطحبوه الى البيت في حالة يرثى لها ... ودون ان ادري دمعت عيناي فهذا الرجل الذي تزوجته وجمعتنا قصة حب ... لكنها انتهت سريعا ... ناديت على ابنتي قلت لنفسي ربما لو رأها احس بالندم واقلع عن هذه السموم التي ادمنها ... لكنه لم ينبس بكلمة واحدة ... نظر الى ابنته الجميلة ... ثم غادر البيت ليبتلعه المجهول مرة اخرى ... ومن بعدها لم نسمع عنه شيئا ... ويظل السؤال بلا اجابة .. هل صاحب الصورة التي نشرتها على الفيسبوك هو نفسه صاحب الصورة التي اتت بها زوجته السابقة ... وان لم يكن هو ... فأين اختفى الاب (ج) ... هل مات بالفعل ونقلته سيارة الاسعاف الى الطب العدلي ومنها الى مقبرة امانة بغداد ... أم أفاق من غيبوبته وتلمس طريق آخر يرابط فيه الآن ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram