"هناك ما تُسمى بالأندية يجب أن تُلغى من الخارطة الرياضية لأنها استنفدت من الميزانية أموالاً كثيرة ومن الإدارة جهوداً كبيرة ولم تثمر ". عبارة بليغة علمياً وفنياً وإدارياً واقتصادياً أطلقها الخبير الرياضي د.باسل عبدالمهدي عبر قناة البغدادية التي استطلعت رأيه بشأن ما يشوشِر به اليوم البعض في الوسط الرياضي لإمكانية سحب الأندية إلى حضن الأولمبية بهدف تحييد الحكومة من التدخل في شؤونها وتمتعها بالاستقلالية التامة دون قيد أو شرط.
نصيحة مخلصة لا تقدر بثمن، بل هي أقرب الى تنبيه مبكّر من رجل تنفس الرياضة وتجول في بحورها السهلة والصعبة وغاصَ في قاعها ، يرى أن لا خلاص لهموم ومآزق وكوارث المشاركات البائسة في ظل النهب (بلا وجع قلب) لنصف الميزانية المخصصة لتطوير الرياضة على ملذات السفر والمؤتمرات الفارغة والبروتوكولات الدعائية وستراتيجيات على رمل البحر! يجب ان تسارع وزارة الشباب والرياضة الآن الى مطالبة الدكتور باسل بتفصيلات لمديات انتقاده اللاذع برسم مصلحة الرياضة، ووضع عبارته بين مزدوج الاهتمام لدراسة ما يمكن تدبيره من اجراءات تأخذ بالحسبان إعداد مسودة مفصلية لمستقبل الأندية في العراق.
صحيح إن علاقة الاندية براعيها الرسمي وزارة الشباب والرياضة مُحكَمَة بقانون الدولة العراقية الذي مَنح السلطة المالية للوزارة لتمسك بمفاصل الأندية، وجرى العمل بذلك على مدى العقود الأخيرة لكن تخللت تلك العلاقة مشكلات كثيرة اتهمت الوزارة في احايين عدة بالتدخل المباشر في صميم الاندية عبر توجيه كتب تقضي بحل الهيئات الإدارية كما حصل مع اندية الزوراء والاتصالات والشرطة والسماوة والقوة الجوية والنجف وعدم الاستماع الى شكوى طرف مظلوم كما في قضيتي حازم محمد علي (الاتصالات) وعلي عزيز (السماوة) وغيرهما ممن عرضوا قضاياهم في وسائل الاعلام وطالبوا وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان إجراء تحقيق عادل في كيفية اقصائهما واعضاء مجلسي ادارتهما في الانتخابات الأخيرة بتأثير من شخصية متنفذة في الوزارة وللأسف لم يستجب عبطان لشكوى المذكورين حتى الآن بحسب ادعائهما.
ثمة أمر لابد من انتباه المعنيين بشؤون الاندية له، لأنه لم يأخذ اهتمامهم أو لم تتم مراعاته منذ عام 2003 حتى الآن بسبب وجود موانع كثيرة كانت تعمل على وَئْدِه لمجرد التفكير به، فالأندية الرياضية من خلال انشطتها وحركتها وترابط فعالياتها مع المنتخبات الوطنية تعد عضوة في الاتحادات المركزية التي بدورها خاضعة لقوانين الاتحادات الدولية، وفي هذا الوصف الواقعي نقطة جوهرية أهملتها الوزارة عن عمد لئلا تكون الاندية من حصة الأولمبية إدارة ومالية مثلما تسيّر اعمال الاندية في جميع الدول وفق آلية واضحة لا تتدخل فيها الوزارة القطاعية، فصناعة الانجاز يبدأ من النادي ويُرعى في الاتحاد المعني باللعبة ثم يُثمر عن أرقام وكؤوس وميداليات في المنتخبات الوطنية، أي ليس لوزارة الشباب والرياضة أي دور في هذه المعادلة المتداخلة أصالة لا شكلاً.
لذلك نحتاج الى اعادة النظر بعائدية الاندية ومستقبلها في ظل المتغيرات التي تشهدها الحركة التعاضدية بين النادي والاتحاد المركزي، ولدينا في قضيتي تهديد الاتحاد الدولي لكرة القدم لوزارتي الشباب والرياضة في مصر واندونيسيا دليل مهم على رفع يد الحكومة (ممثلة بالوزارة) عن الأندية. ففي الحالة المصرية خضعت وزارة الشباب والرياضة لرسالة الأولمبية الدولية التحذيرية وأعادت مجالس ادارات اندية الزمالك والأهلي والترسانة والشمس بعدما حُلّت سابقاً، وستواجه اندونيسيا شبح التجميد بعدما حلت وزارة الشباب والرياضة هناك اتحاد كرة القدم بسبب رفض الأخير (تنفيذ أوامر الوزير باستبعاد ناديين من دوري السوبر بسبب نقص الشفافية بشأن ملكيتهما وسجلهما المالي)!
تهديدان صريحان لابد ان تأخذ منهما وزارة الشباب والرياضة العبرة وتنهي ايغالها في التدخل بملف الاندية من ناحية إصدار أوامر تشكيل هيئات مؤقتة لإدارتها بعد حل المجالس السابقة وهذا سيعود عليها برد فعل سلبي في المستقبل القريب في ظل المفهوم السائد بسطوة الوزارة على مقدرات الاندية وعدم السماح لغيرها في رسم سياسة واضحة لها، ونعتقد ان الوزير يدرك مصلحة الوزارة ويحرص في الوقت نفسه على ديمومة العلاقة مع الاندية وبقية المؤسسات الرياضية من اجل إتاحة الفرصة لإطلاق اندية نموذجية تأخذ المال لتصنع نجوم المستقبل وليس لتوريث مقاعد الإدارة للأبناء والاحفاد!
تهديدان أمام الوزارة!
[post-views]
نشر في: 19 إبريل, 2015: 09:01 م