اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذه المسخرة "الطبية"

هذه المسخرة "الطبية"

نشر في: 20 إبريل, 2015: 09:01 م

بالتأكيد ستُستفزّ وزيرة الصحة أشدّ الاستفزاز وستستشيط غضباً لو ان أحد الزملاء رسامي الكاريكاتير رسمها في هيئة "طبيبة" أعشاب أو طبّ شعبي أو ما يعرف بـ"الطب النبوي". وكذا الحال مع وزراء الصحة السابقين وكل الطبيبات والأطباء.. لابد انه سيعتريهم الشعور نفسه حيال الرسم المفترض.
نعم سيستفزون وتنتابهم سورة من الغضب الشديد حيال الرسام، لأن رسام الكاريكاتير في هذه الحال قد أهانهم وأهان الكليات والجامعات الرصينة التي أمضوا فيها ست سنوات في الأقل للحصول على الشهادة الجامعية الأولية في الطب، فضلاً عن سنوات الدراسة الاختصاصية وعن سنوات الخدمة والخبرة في الريف والمدينة والمواقف الصعبة التي واجهوها أثناء خدمتهم.
كل الحق سيكون مع السيدة وزيرة الصحة وزملائها السابقين وكل الأطباء في ان يُستفزوا وتندلع فيهم نار الغضب إن حدثت مثل هذه الواقعة الكاريكاتيرية المفترضة، لكنني أرغب في أن يكونوا في الحال نفسها من الاستفزاز والغضب حيال الظاهرة المتفاقمة في مدننا والتي تهين وزيرة الصحة ووزارتها وكل العاملين فيها وجميع الأطباء وذوي المهن الطبية والصحية.. انها ظاهرة "أطباء" الأعشاب و"الطب النبوي" ومن على شاكلتهم من المشعوذين والأفّاقين.
من محافظة الى أخرى ومن مدينة الى مدينة يتزايد يوماً بعد آخر عدد هؤلاء "الأطباء" الذين يحرصون على وضع لافتات كبيرة ملونة على واجهات "عياداتهم" وعلى أرصفة الشوارع العامة، يعلنون فيها انهم يعالجون كل الأمراض.. نعم كلها من دون استثناء.. إنهم – كما تدعي لافتاتهم – يعالجون أوجاع الرأس والبطن والظهر والساقين والأسنان، ومشاكل الأنف والاذن والحنجرة والرئتين والعقم والولادة، وأمراض الصرع والجذام والجرب والإسقربوط والسكري والضغط والبروستات والقلب والأمراض العصبية والنفسية ويفتتون حصى الكليتين.. بل إنهم يشفون أيضاً المرضى بالسرطان بكافة أنواعه!
هؤلاء المشعوذون الدجالون لديهم شهادة رسمية تؤهلهم للعمل على كل هذه الأمراض .. شهادة تتمثل في ان أحداً لا يتصدى لهم ولا يوقفهم عند حدهم .. وزيرة الصحة الحالية وزملاؤها السابقون لم تستفزهم هذه الحال ولم تثر غضبهم مع انها أشد تأثيراً وأقوى في توجيه الإهانة لهم شخصياً ولوزارتهم ولكلياتهم وجامعاتهم وسنوات خدمتهم الصعبة من الكاريكاتير المفترض.
وهذه الشهادة الممنوحة للدجالين والمشعوذين ممهورة بموافقة البلديات والسلطات الإدارية الأخرى في المدن التي فتحوا فيها "عياداتهم"، فما من أحد يعترض على فتح هذه "العيادات" وعلى نشر اللافتات الكبيرة الملونة. وهم فوق هذا كله يحظون بحماية فعالة من وزارة الداخلية التي لم نسمع يوماً انها تحرّكت لوقف هذه الشعوذة عند حدّها.. ولكن كيف للداخلية أن تتحرك ما دامت وزارة الصحة تتعامل مع القضية كأنها لا ترى ولا تسمع ولا تقول، وتؤيدها في هذا الموقف الدوائر البلدية والإدارية في المحافظات والتي تتخذ هي الأخرى موقف المتفرج؟
هل من عمل لوقف هذه المسخرة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. قيران المزوري

    الموضوع جدأ سهل والحل أسهل أن يجمع علفهم الحيواني ، اي أعشابهم ويكون حصته التموينية داخل السجن وان يكون القرار بتسريحه من السجن اعتبارآ بانتهاء العلف ،، واذا أعاد فتح المحل مرة اخرى ان يعاد القرار السابق على ان يحرم من الماء هذه المرة ،،،

  2. خليلو...

    اعلم ايها الاستاذ عدنان حسين انك وايانا في بلاد ال بوكو حرام ولكن بشكل آخر البلاد يحتاج وللاسف الى اتاتورك جديد لكي يتعامل مع الدجالين من رجال وسحرة الكهنوت وهذا للاسف ايضا محال التكرار اليوم ...في احد الايام تعرضت لوكعة صحية اسرع بي احد اولاديا الى ا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram