التفاؤل مطلوب لكسر أطر الإحباط وتحطيم جدران اليأس، والتفكير الإيجابي، محبب ومحبذ، وتخطي الصعاب وتجاوز الأهوال سمة الشعوب الحية، وميزة قيادتها الحكيمة.
ولكن ما يحدث في عراق اليوم تجاوز كل منطق، وغدا استثناء كسر كل قاعدة.
…………..
في إحدى اللقطات التلفزيونية، رأيت مسؤولا كبيرا يغص بالضحك، كمن سمع نادرة لم تخطر على بال أحد! وشهدت آخر يبتسم بديبلوماسية مفضوحة، رغم كيل الأتهامات التي يجرجرها وراءه،، لمحت سياسيا عراقيا يقهقه، حتى لتخاف على زجاج الشاشة ان يتصدع،، رأيت احدهم يهم بالضحك، وحين يلمح دوران مصباح الكاميرا نحوه، يتصنع الجد ببراعة ممثل قدير، رأيت البعض في اجتماع لمجلس الوزراء، يسوون أربطة (أعناقهم) او يعدلون كشائدهم او عماماتهم ٠(أعمتهم)وغتراتهم وعباءاتهن، ساعة تدخل الكاميرا لنقل وقائع الجلسة،،راقبت النواب أثناء انعقاد الجلسة يتبادلون الأحاديث الجانبية — كما في مقهى — والمناقشات محتدمة حول آخر المستجدات على الساحة، راقبت البعض منهم يتجشأ بعد وجبة طعام دسمة في المطعم القريب،
تابعت منظر الحشود تهرول ملتاعة - إثر كل انفجار، للاطمئنان على أهاليهم وتفحص جثث الضحايا ملقاة على اسفلت الشارع او الرصيف، سمعت عن رجال لم يخرجوا من بيوتهم اتقاء القبض عليهم بالظن او الشبهة او الكيد. سمعت عن تسريب - تهريب - المليارات من ثروات البلاد خارج الحدود، وكأن لا من شاف ولا من درى، مليارات تشيد مدنا وتبني بيوتا ومدارس و.. و..
راقبت بفزع جموع مهجرين يتدافعون كيوم الحشر، يتمايلون فوق جسر بدائي عائم يميد بهم كلما مادت الريح. ويتهددهم الغرق كلما جنح المد والجزر،
رأيت وسمعت وشممت روائح عطن وشياط، وتساءلت: كيف يمكن لعراقي سوي ان يتنعم بنومة دون كوابيس؟ كيف له ان لا يغص بلقمة؟ ولا يشرق بجرعة ماء؟
لا سامح الله الفضائيات، ألقتنا في أتون المعاناة. ونحن على مبعدة آلاف الأميال، ونحن على مقربة، كقرب البؤبؤ من مقلة العين.
العراق: لوحة سيريالية
[post-views]
نشر في: 26 إبريل, 2015: 09:01 م