حرف الدال في مفردة " جدل" حين يكون في بدايتها يعني الاشارة الى معنى آخر فالجدل السياسي ، يتحول الى دجل ، الاوضاع في العراق بعد نكبة حزيران ، وتشكيل لجان تحقيقية لمعرفة ملابسات حادث اعدام اكثر من الف شخص من ضحايا قاعدة سبايكر ، وتشخيص المسؤولين من القادة العسكريين والمدنيين لمعرفة اسباب سقوط الموصل بيد تنظيم داعش ثم حصول موجة السبي والتهجير القسري ، تدخل ضمن الجدل الدائر حاليا بين الاوساط السياسية والبرلمانية ، نتائج التحقيق تأخرت ، فيما يعلن اعضاء اللجنة التحقيقية المشكلة من قبل البرلمان قرب طرح تقريرها النهائي امام اعضاء مجلس النواب لاتخاذ القرار المناسب .
احتمال تغيير موقع حرف الدال في الجدل السياسي بخصوص سقوط الموصل ونكبة حزيران العراقية وارد جدا استنادا الى حقيقة ان لجان التحقيق السابقة المشكلة طيلة السنوات الماضية اعتمدت التوافق في اختيار اعضائها مع مراعاة الابتعاد عن اثارة اي خلاف ، يشوه صورة البيت العراقي السياسي المنسجم ، فتكون الاهداف لصالح الاعداء في الداخل والخارج .
اتفاق الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية على تطبيق ورقة الاصلاح السياسي ، يعني اعتماد الجدل والحوار لتجاوز الملفات العالقة الشائكة ، ثم رسم خريطة طريق جديدة لتنفيذ مستحقات المرحلة الجديدة بمنتهى الوضوح والشفافية ، القراءة الاولى للمشهد من الخارج تعطي انطباعا واضحا الى حقيقة ان العلاقة السائدة اصبحت على مستوى انسجام كامل تجاوز مرحلة الدهن والدبس ، واصبحت مصيرية ، فكل طرف يرى في نظيره الآخر مصدر قوة تعزز التمسك بالوحدة الوطنية، هذه المظاهر وغيرها يلمسها العراقي حين يتابع مهرجانات وفعاليات يشارك فيها زعماء سياسيون ، ومسؤولون ، تشترك خطبهم المكتوبة والمرتجلة في استنكار الارهاب والدعوة لتضافر الجهود وتوحيد الصف الوطني لمواجهة تنظيم داعش وتحرير المدن الخاضعة لسيطرته ، ما يقوله المشاركون المحتفون بالمناسبات يعبر عن وصول الجدل الى مراتب متقدمة تجاوت خلافات عميقة افرزتها سنوات سابقة ، وكشفت عن نية صادقة لانقاذ البلاد من السقوط بمنزلق خطير .
معالجة نكبة حزيران العراقية لن تتم باعلان نتائج لجنة تحقيق سقوط الموصل ، لان اللجنة كغيرها ستخضع لضغوط الاطراف المتنفذة ، لابعاد التهم عن شخصيات تعد من وجهة نظر بعض الكتل النيابية رموزا عرفت بمواقفها الوطنية المشرفة ، فاستحقت الانواط والاوسمة ، واقامة تمثال لها في ساحة الفردوس ، حين يصل الجدل السياسي الى تضليل الحقائق لدوافع حزبية وفئوية ، يتحول الى دجل فيوفر البيئة المناسبة لظهور جيل جديد من الدجالين ارتدوا اقتعة زعماء سياسيين ، وحملوا بطاقة التأهل للانضمام الى جوقة المشعوذين ، لامتلاكهم مواهب وقدرات كبيرة لحرف الحقائق.
تنظيم داعش على الرغم من هزائمه بعد تحرير عدة مناطق كانت خاضعة لسيطرته ، استغل الدجل السياسي ، في وقت مازال الخلاف قائما حول تسليح العشائر السُنية ، وهل يقودها رافع العيساوي ، ام حميد الهايس ، او اسامة الحردان ، الجدل قائم ، ولا احد يشعر بخطورة الاوضاع "والحب هالحرفين مش اكثر" .
"دجل" سياسي
[post-views]
نشر في: 28 إبريل, 2015: 03:10 م