يوم أمس كان بامتياز، على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، يوماً لشرطيّتي المرور رجاء وهدى اللتين بدأتا عملهما في تقاطع زيونة – ملعب الشعب في بغداد، فأحد البوستات المنشورة في موقع فيسبوك زاره خلال 12 ساعة فقط أكثر من 300 ألف زائر، أكثر من 10 آلاف منهم تركوا "like"، ومئات لم يكتفوا بذلك، بل وضعوا تعليقاتهم.
التعليقات في مجملها كانت مرحّبة، والجميل ان الأغلبية من الإناث كانت مؤيدة، فيما نصف الذكور تقريباً أظهروا عدم استساغتهم للفكرة، وأظن ان هذا أمر متوقع في الظرف التاريخي الراهن حيث يضرب الجهل والتخلف أطنابهما في مجتمعنا، كنتيجة منطقية للحقبة الطويلة للغاية من حكم الدكتاتورية ومن الحروب المتعاقبة ومن استمرار وتفاقم العنف والشدّ الطائفي على مدى الاثنتي عشرة سنة الماضية، وهذا كله ما أعادنا نحو مئة سنة إلى الخلف.
شخصياً أؤدي التحية للشرطيتين رجاء وهدى وسائر زميلاتهما، تقديراً لشجاعتهما ليس فقط لالتحاقهما بسلك الشرطة وإنما أيضاً لاخيارهما العمل في الشارع.. إنهن بهذا يسجلن لأنفسهن مجداً شبيهاً إلى حد ما بالمجد الذي سجلته في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي رائدات حركة التحرر النسوية اللائي مهّدن الطريق لتعليم المرأة ودخولها إلى الجامعة وتولّيها وظائف ومناصب مهمة في الدولة العراقية وفي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.
معظم الذين علّقوا بالسلب على مبادرة السيدتين رجاء وهدى اهتموا بالشكليات (الماكياج واللباس)، فيما ترك المؤيدون تعليقات ذات مغزى جوهري. إحدى السيدات بدت متحمسة جداً لعمل رجاء وهدى وقالت انها في طفولتها كانت تحلم بأن تكون شرطية مرور. سيدة أخرى أعادت الى الأذهان ان المرأة العراقية سبق وأن امتهنت هذه المهنة قبل أن يجري تدمير القيم الاجتماعية العصرية في حقبة الدكتاتورية والحروب، فنشرت صورة بالأسود والأبيض لشرطية مرور تؤدي عملها عند نصب الجندي المجهول في موقعه القديم (ساحة الفردوس حالياً).
أحد الرجال المؤيدين لعمل رجاء وهدى كتب التعليق التالي:
" إذا عالمكياج واللبس كل البنات، موظفات أو طالبات، يخلّون مكياج، وإذا من ناحية اللبس عالأقل هما (رجاء وهدى) لابسات لبس رسمي وزي موحد لشرطة المرور. وللعلم في السبيعنات والثمانينات كان اللبس القصير والميني جوب للنساء شي طبيعي وعادي.. ما كانت الناس تستغرب وما كانت تقاس سمعة البنت من خلال لبسها لأن الوعي والمستوى الثقافي للعراقيين كان عاليا، اما الآن فالوعي والمستوى الثقافي وصلا الى الحضيض .. يعني المشكلة بعقول ومستوى التفكير المتدني في المجتمع .. تحية لشرطيتا المرور رجاء وهدى ونتمنى لهما التوفيق في عملهما الشريف في خدمة بلدهما، ودعاؤنا لهما في أن يحفظهم الرب من كل مكروه".
نعم ، تحية كبيرة لرجاء وهدى، ولكل من ساعدهما وزميلاتهما في اختيار هذه المهنة الشريفة والخدمة الوطنية المميزة.
تحية كبيرة لرجاء وهدى
[post-views]
نشر في: 28 إبريل, 2015: 03:16 م