TOP

جريدة المدى > عام > المراكز الثقافية في الخارج .. هل تعرف دورها وطبيعة عملها؟

المراكز الثقافية في الخارج .. هل تعرف دورها وطبيعة عملها؟

نشر في: 29 إبريل, 2015: 12:01 ص

تفتتح المراكز الثقافية في الخارج، عادة، من اجل هدف اساسي ورئيسي واحد، هو تعريف المجتمع الاجنبي ـ الذي تفتتح به ـ بثقافة البلد ( تاريخها وحاضرها ورموزها وتنوعها ولغتها.. الخ ) وتبتكر الاساليب المختلفة لتحقيق ذلك الهدف، وتعمل على تفعيل التبادل الثقافي

حميدة العربي

تفتتح المراكز الثقافية في الخارج، عادة، من اجل هدف اساسي ورئيسي واحد، هو تعريف المجتمع الاجنبي ـ الذي تفتتح به ـ بثقافة البلد ( تاريخها وحاضرها ورموزها وتنوعها ولغتها.. الخ ) وتبتكر الاساليب المختلفة لتحقيق ذلك الهدف، وتعمل على تفعيل التبادل الثقافي بين البلدين من خلال اقامة اسابيع ثقافية ومهرجانات وزيارات متبادلة للوفود والفرق والشخصيات الثقافية. والكثير من العراقيين يتذكرون المراكز الثقافية الاجنبية في بغداد ـ كالسوفيتي والبريطاني والفرنسي وغيرها ـ وماذا كانت تفعل وما هي نشاطاتها.. فالمركز الثقافي السوفيتي، مثلا، كان ينشر ويعرّف بالادب والفن الروسي والسوفيتي، ادبائه وفنانيه، ويقيم مهرجانات للسينما السوفيتية، ومعارض للكتب ـ للادباء الروس والسوفيت ـ واخرى للفن التشكيلي او الموسيقى والازياء ويستقدم الفرق الفنية لتقديم عروضها في العراق ويصدر مجلة باللغة العربية عن الثقافة السوفيتية المعاصرة، ويفتح دورات لتعليم اللغة الروسية.. كل ذلك يقدم للجمهور العراقي في بغداد والمحافظات وليس للجالية الروسية في العراق!.. اما المراكز الثقافية العراقية. في الوقت الحاضر، فهي نماذج واضحة للفهم الخاطئ لطبيعة عمل المراكز الثقافية وعدم ادراك الدور الحقيقي والصحيح الذي انشئت من اجله.. فالمركز الثقافي العراقي في لندن ـ مثلا ـ والذي افتتح قبل اكثر من عام، طرح نفسه وكأنه جمعية خيرية او منظمة اجتماعية، فقد ركز اهتمامه على الجالية العراقية وليس المجتمع البريطاني، ونشط في اقامة الندوات والامسيات الشعرية والموسيقية والمعارض للعراقيين فقط.. ويستضيف ادباء وفنانين وشخصيات عراقية، من الجالية العراقية!! ( وهذه الشخصيات تمت استضافتها عشرات المرات من الجمعيات العراقية الاخرى الموجودة في بريطانيا) وكل هذه النشاطات جمهورها عراقي فقط.. والمفروض ان يركز دوره في تقوية العلاقات مع المؤسسات والجمعيات الثقافية البريطانية وتعريف المجتمع البريطاني بالثقافة العراقية وتاريخها وتنوعها واعلامها وشبابها.. ويفتتح دورات لتعليم اللغة العربية للبريطانيين والاجانب.. واقامة مهرجانات واسابيع ثقافية ينشر ويعرّف من خلالها بالثقافة العراقية ويجذب الجمهور البريطاني لهذه الفعاليات وحث المؤسسات الثقافية البريطانية علي اقامة اسابيع ومهرجانات ثقافية في بغداد وتشجيع الوفود والسياح لزيارة العراق للاطلاع على حضارته وثقافته، ضمن مبدأ التبادل الثقافي بين المؤسسات العراقية والبريطانية.
نشاطات المركز الثقافي العراقي في لندن، منذ افتتاحه، هي ندوات وامسيات ومعارض .. اضيف لها طبع الكتب للادباء العراقيين، وهذا اغرب نشاط للمركز، والاجدى ان يقوم المركز بترجمة الادبيات العراقية الى اللغة الانكليزية ليطلع البريطانيون على الادب العراقي.. فعملية طبع كتاب لاديب عراقي، باللغة العربية، لا يستفيد منها الكاتب كثيرا، ولا تضيف الى الثقافة العامة الا القليل ـ مع انعدام الدعاية والتوزيع ـ في حين ان ترجمة الكتب العراقية الى اللغات الاجنبية لها فوائد مضاعفة.. اولا للكاتب شخصيا، تعريف به في الخارج وتكريمه معنويا. وثانيا تعريف المجتمع الاجنبي بما وصلت اليه الثقافة العراقية وانتاجاتها، وكل ذلك يصب في مصلحة الثقافة عامة! .. وازاء كل ذلك تطرح الكثير من التساؤلات نفسها: هل اقام المركز الثقافي العراقي في لندن اسبوعا او مهرجانا ثقافيا للتعريف بالثقافة العراقية للبريطانيين؟ هل عرّف الادباء والفنانيين العراقيين للجمهور البريطاني؟ هل افتتح دورة لتعليم اللغة العربية للاجانب؟ هل تعاون مع جهة ثقافية بريطانية لاقامة فعالياتها في بغداد او المحافظات؟ هل دعا وفودا ثقافية بريطانية لزيارة العراق والاطلاع على حضارته وثقافته عن قرب؟ هل استقدم وفودا ثقافية عراقية للتعرف على ما وصلت اليه الحضارة الغربية من حداثة؟ هل ترجم بعض الادبيات العراقية الى الانكليزية؟ هل اصدر مجلة او جريدة باللغة الانكليزية عن الثقافة العراقية؟ هل نشط في مجال الدعاية والاعلان الثقافي والسياحي لجذب السياح والدارسين للاهتمام بالعراق وثقافته؟.. للاسف لا، لم يحصل شيء من كل ذلك، فقد صب المركز كل اهتمامه على جذب العراقيين المقيمين في لندن لزيارته والتردد عليه، وهذه في الحقيقة ليست من مهام المراكز الثقافية بل ان مهمتها الاساسية هي اقامة وتقوية العلاقات مع المؤسسات والجمعيات الثقافية في البلد المضيف والتعريف بالثقافة العراقية ونشرها داخل ذلك المجتمع وليس الجالية العراقية!
ان ما يقوم به المركز الثقافي العراقي في لندن ليست له علاقة، ابدا، بدوره الحقيقي ولا بطبيعة عمله الاساسية.. فهل ان القائمين عليه يجهلون ماهية عمل المركز الثقافي ام انهم يتجاهلون ذلك؟ وفي الحالتين يفترض اعادة النظر في عمل ونشاط المراكز الثقافية في الخارج، والا فانها منافذ لهدر الاموال والجهود.. والابتعاد عن الهدف الرئيسي، الذي انشئت من اجله، الا وهو التعريف بالثقافة العراقية ونشرها في المجتمعات الاخرى!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. فيحاء السامرائي

    عزيزتي حميدة، هاأنت تقولين بأن المركز الثقافي السوفيتي كان يعرض أفلاماًسوفتية ويعرض كتباً روسية، وكذلك المركز الثقافي البريطاني كان يعرض أفلاماً بريطانية ومكتبته زاخرة بالكتب الانكليزية، وهذا مايفعله المركز الثقافي العراقي في لندن، والحقيقة تقال، فهناك ند

  2. حميدة

    العزيزة فيحاء .. مهمة المراكز الثقافية نشر الثقافة العراقية في الخارج بين الاجانب، وليس تقديم فعاليات للجالية العراقية .. اما استضافة بعض البريطانيين ، مرة او اثنتين، كما ذكرت، فهذا استثناء .. لان ستراتيجيتهم. كما هو واضح منذ افتتاح المركز، هي كسب الجالية

  3. فرات محي الدين

    اتفق معك سيدتي الكريمة في مسألة طبااعة الكتب و عدم ترجمتها. حيث ان اغلبية الجالية العراقية في ندن و رواد المركز الثقافي يتقنون اللغة الانكليزية بالاضافة الى امكانية تعريف الناطقين بلغات اخرى الى كتاب و كاتبات عراقيين و نشر التعارف الثقافي بين الدول و المج

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram