يجهد (أبو هيلين) مع حلول ظهيرة كل يوم في اعداد مستلزمات مطعمه الصغير المتجول الذي يأخذ مكانه المعتاد ليلا بين العديد من عربات الاكلات السريعة وبيع الشاي والعصائر والحلويات في شارع مولوي وسط مدينة السليمانية والتي تقدم خدماتها الى زبائنها حتى ساعات مت
يجهد (أبو هيلين) مع حلول ظهيرة كل يوم في اعداد مستلزمات مطعمه الصغير المتجول الذي يأخذ مكانه المعتاد ليلا بين العديد من عربات الاكلات السريعة وبيع الشاي والعصائر والحلويات في شارع مولوي وسط مدينة السليمانية والتي تقدم خدماتها الى زبائنها حتى ساعات متاخرة من الليل، وفي الوقت الذي يطالب فيه اصحاب هذه المطاعم منحهم اجازات رسمية لممارسة المهنة، تؤكد قائممقامية السليمانية تشكيل لجان مهتمه واجبها منع الباعة المتجولين من الوقوف في الاماكن والشوارع العامة حفاظا على الصحة العامة للمواطنين فضلا عن الحفاظ على بيئة وجمال المدينة.
ومع غروب الشمس وحلول المساء في مدينة السليمانية تصطف العشرات من عربات بيع الاطعمة السريعة في شارع مولوي وقرب الجامع الكبير وسط المدينة حيث الحركة دائبة في السوق التي تعد قلب السليمانية فيما يتجمع زبائن ورواد هذه المطاعم لتناول (لفات) ساخنة تسد جوعهم ولو بشكل مؤقت من على هذه العربات التي تتخذ جميعا شكلا موحدا وبالوان متنوعة ومصنوعة من مادتي الخشب والالمنيوم وتبدو اشبه بصندوق زجاجي كبير تسطع داخلها مصابيح كهربائية ملونة ومقسم الى اقسام تفصل بينها الواح زجاجية ومخصص كل قسم لوضع نوع معين من الاطعمة التي تعتمد جميعا على مادة اللحم الاحمر او الابيض كمادة رئيسية لاعداد اللفات والتي تشتعل تحتها نار مرتفعة او هادئة حسب حاجة الطعام للنار الى جانب انواع الخضراوات والسلطات الطازجة المرصوفة بعناية في اوعية ملونة كبيرة داخل الزجاج تثير شهية الزبائن، اقتربنا من عربة (ابو هيلين) المنهمك في اعداد اللفات للزبائن حوله وتصدر موسيقى هادئة تشق هدوء الليل البارد فتحدث عن عمله اليومي هذا بالقول "منذ ظهيرة كل يوم اقوم باعداد ما احتاجه في مطعمي الصغير هذا بمساعدة عامل اخر اضافي فنقطع اللحم الطازج الذي اشتريه من القصاب وهو على الاغلب لحم عجل او غنم الى جانب لحم الدجاج الابيض والطماطم والبصل والكرافس والفلفل الاخضر بنوعيه البارد والحار والليمون الحامض والطرشي والمخلللات والكجب الى جانب تهيئة لوازم اخرى كالماء والعصائر والمناديل الورقية وغيرها فنعد سلطة من كل هذه الخضراوات والمكونات تعرض على العربة والزبون يختار منها حسب رغبته ويضيفها الى اللفة التي تتألف من اللحم الساخن الذي يقدم باشكال مختلفة منها مقلي مع البصل او بدونه او خليط ما بين اللحم الاحمر والابيض او مع البهارات والتوابل او غير ذلك وتوضع هذه الخلطة الشهية داخل قرص (رغيف) خبز ساخن تخبزه مخابز خاصة بالخبز تعمل ليل نهار لتلبية احتياجات المطاعم الجوالة والثابتة"، مضيفا "عملنا يمتد من الظهيرة الى بعد منتصف الليل حيث ان الشارع لا يخلو من المارة وعابري السبيل الذي يرغبون بتناول عشاء خفيف لا سيما وان شارع مولوي مكتظ بالفنادق والموتيلات المزدحمة بالزبائن والرواد الذي تعودنا على تناولهم لعشائهم على عرباتنا ومطاعمنا الصغيرة تشجعهم على ذلك نظافة وجودة اطعمتنا فضلا عن اسعارها الزهيدة كما يقولون لنا اذ لا يتجاوز سعر اللفة الواحدة 1000 دينار فقط."
وتعرض عربات اخرى بالاضافة الى صفائح الاطعمة الجاهزة قطع لحم الغنم الطازج و (المعلاق) المثبت في سقف العربة الى جانب عجينة (الكباب) الذي تفوح منه رائحة البهارات والتوابل و (بيض الغنم) ولحم التكة الجاهز للشوي حسب طلب الزبائن على نار الفحم التي اعدت الى جانب العربة تهدهدها نسائم الليل العليلة وهدوء المكان الذي تبدده صوت سيارة قادمة او موسيقى اغنية كردية صادرة من مكان قريب، يقول صاحب هذه العربة (ابو ئاسو) "زبائننا مختلفون فمنهم نزلاء الفنادق القريبة وعمال المسطر الذين يتجمعون بقربنا خلال الليل وعابرو السبيل والمسافرون وسائقو سيارة الاجرة ورجال الشرطة وغيرهم ممن يمرون بالشارع خلال الليل وينتهي عملنا قرابة الساعة الثانية او الثالثة بعد منتصف الليل فناخذ عرباتنا بعد تنظيفها طبعا من مخلفات العمل الى ساحة قريبة نوقفها هناك ونذهب للبيت لناخذ قسطا من الراحة بالنوم حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا حيث نقوم باعداد عدة العمل لليل القادم وهكذا تستمر حياتنا على هذا المنوال والحمد لله بدون اية مشاكل او ازعاج ونتمكن من خلالها بالحصول على ما نؤمن به حياة ومعيشة جيدة لعوائلنا رغم ما نلاقيه من تعب لطول ساعات العمل والوقوف على ارجلنا والتي تتجاوز احيانا 15 ساعة متواصلة"، مضيفا ان ما يزعجنا هو أمر واحد فقط وهو اننا نتمنى الحصول على اجازة رسمية بممارسة هذه المهنة التي توارثناها عن ابائنا من الدوائر الحكومية كدائرة البلدية والصحة والسياحة وغيرها كون وقوفنا هنا ممنوع ونحاسب عليه قانونا لكن الجهات الحكومية تغض النظر عنا احيانا كونه مصدر رزق ومعيشة عوائل كما اننا لا نخلق مشاكل في محال وقوفنا حسب قوله.
ويتناول (احمد ناهض) وهو شاب نازح من محافظة الرمادي الى السليمانية عشاءه يوميا على عربات الاكلات السريعة في شارع مولوي بعد عودته من عمله قرابة منتصف الليل وقبل ان يأوي الى فراشه في احد الفنادق القريبة، ويقول احمد بعد عودتي من عملي في احد المقاهي الشعبية اتناول لفة خفيفة تسد جوعي وتساعدني على اخذ قسط من النوم المريح بعد عناء العمل وهذه اللفات لذيذة ونظيفة وصحية وسعرها مناسب جدا للكثير من الشرائح الاجتماعية التي تعودت على تناولها يوميا، اما المواطن (ازاد غفور) الذي صادف مروره في هذه الساعة بقربنا فقد قال لنا انا افضل تناول طعامي في المنزل او المطاعم الثابتة المرخصة صحيا لانها نظيفة وتخضع الى رقابة الجهات الصحية والبلدية وصناعة اطعمتها ومواد الاولية معروفة وخاصة اللحوم لاننا في زمن ووقت معرضين فيه للاصابة باشكال الامراض واغلبها ناتج عن سوء التغذية وتناول اكلات سريعة لا نعرف كيف تعد وتحضر لاسيما وانها لا تخضع لاية رقابة او اشراف صحي وربما تكون موادها الاولية مستوردة من مناشئ رديئة او مجهولة، مضيفا "انا افضل ان تعمل الجهات الحكومية على منح هؤلاء اجازات صحية وبلدية لممارسة المهنة بشكل حضاري ورسمي من اجل الحفاظ على صحة المجتمع ونظافة المدينة وتشجيع الجانب السياحي فيها بعيدا عن الفوضى وخلق الازدحامات مع ما تسببه من مشاكل اخرى، مع ضمان معيشتة ورزق هؤلاء الباعة لا ان يتركون يمارسون عملهم هذا دون اية رقابة وبالتالي سيسبب ذلك مشاكل صحية واجتماعية وبيئية فضلا عن تاثيره على جمال المدينة المعروفة بمكانتها السياحية والجمالية."
من جانبها شكلت الجهات الحكومية المعنية في السليمانية لجانا عديدة في المدينة مهمتها تنظيم ومراقبة العمل والمهن المختلفة وبشكل يضمن تطبيق الجانب الصحي والبيئي والجمالي والسياحي، ويقول مدير الشعبة القانونية في قائممقامية قضاء السليمانية (سرجل أنور شاكر) لـ (المدى) "شكلت القائممقامية 117 لجنة خدمية ورقابية مختلفة في عموم السليمانية تعمل ليل نهار من اجل مراقبة تطبيق القانون في مجال ممارسة الاعمال والمهن وضمان تطبيق الشروط الصحية والبيئية والسلامة المهنية وغير ذلك في مختلف الاعمال والمهن بالتعاون مع مختلف الدوائر والجهات الحكومية المعنية الاخرى ضمانا لخلق بيئة صحية نظيفة غير ملوثة في المدينة المعروفة بجمالها ومناخها السياحي." مضيفا "ان وقوف عربات بيع الاطعمة السريعة واصحاب البسطيات وغيرهم في الشوارع والساحات وخاصة في مركز المدينة هو ممنوع قانونا لانه يؤثر على الصحة والبيئة ويشوه جمال ومنظر المدينة كما يخلق وقوفهم العشوائي مشاكل وازدحامات ويعرقل انسيابية مرور المركبات والسابلة على حد سواء ولجاننا المختصة تتابع منع هؤلاء من الوقوف والبيع لانه مخالف وربما يكون سبب في انتشار بعض الامراض الصحية والاجتماعية كونهم غير خاضعين لرقابة الجهات الحكومية المختصة"، مضيفا "تم رصد هذه الظاهرة الاجتماعية في الشوارع وحجز عدد من اصحاب العربات والبسطيات المخالفين والمتجاوزين وايضا تغريمهم لان وقوفوهم مخالف للقانون رغم تساهل بعض الفرق احيانا معهم نظرا لظروفهم الانسانية الصعبة واعالتهم لعوائل كبيرة الا ان ذلك غير مبرر لمخالفة القانون والشروط الموضوعة لممارسة المهن بشكل رسمي ونظامي حسب قوله."
ملاحظة / مرفق صور مع التحقيق