لا يحتاج الواحد الى تنظيف أنفه جيداً وغسله بماء البحر لكي يشم رائحة الانتهازية والوصولية في هذا القرار، فالكتاب يُقرأ من عنوانه.
القرار اتخذه مجلس إحدى محافظات الفرات الأوسط، ويقول الآتي: صوّت مجلس محافظة (... ) بالإجماع على قرار يقضي باعتبار يوم إعلان المرجعية الدينية فتوى "الجهاد الكفائي" ضد تنظيم داعش (13 حزيران) عيداً وطنياً له (المجلس)، ويُحتفى به في كل عام.
لا أظن ان المرجع الأعلى السيد علي السيستاني أو أحداً من المحيطين به أو ممن ساهموا في بلورة فكرة الفتوى وإعلانها قد خطرت في باله الفكرة التي شغل بها مجلس محافظة (.... ) نفسه، فالفتوى أُعلِنت لدرء خطر ماحق هدّد، ولم يزل، كيان الدولة برمتها، استجلبته السياسات الخاطئة للحكومة السابقة ولعموم الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة. والفتوى لم ينتظر منها صاحبها حمداً أو شكورا من مجلس هذه المحافظة أو من غيره.
ولا أظن أن محافظة (....) أو أية محافظة في حاجة إلى قرار كهذا يشغل به مجلس المحافظة نفسه، فيما حاجة المحافظة والأهالي فيها الى قرارات أخرى تُصلح من الأوضاع السيئة على أكثر من صعيد في هذه المحافظة كما في سائر محافظات البلاد.
مركز المحافظة التي اتخذ مجلسها هذا القرار تُعدّ من أكثر المدن اتساخاً فيما كانت في الماضي من أجمل مدن البلاد وأنظفها.. المدينة، كما غيرها من مدن وبلدات المحافظة، لا يوجد فيها شارع واحد نظيف.. في أشهر الصيف الطويلة تلفّها سحابة غبار هائلة لا مثيل لها لأن معظم شوارعها غير مبلط، فيما الشوارع المبلطة متسخة الأرصفة وكثيرة الحفر، أما في الشتاء فتغرق المدينة بمياه الأمطار والأوحال، وكان الأولى بمجلس المحافظة أن يجدّ ويجتهد لاتخاذ القرارات والإجراءات التي من شأنها معالجة هذه الحال السيئة.
هذه المحافظة، كما سواها، ليست في حاجة الى يوم عطلة جديد، ولا الى مناسبة جديدة لابراز العضلات وعمل الدعاية الشخصية .. انها في أمسّ الحاجة الى توفير الأمن والخدمات العامة وحلّ مشكلات السكن والبطالة بين الخريجين الشباب وتنشيط الاقتصاد المحلي ومكافحة الفساد الإداري والمالي الضارب أطنابه في دوائر المحافظة، كما في دوائر سائر المحافظات والدولة كلها .. إنها بحاجة لتحسين أداء الدوائر الحكومية والبلدية، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية الأخرى.
ليست وظيفة مجالس المحافظات اختلاق الأعياد والمناسبات واتخاذ قرارات غير منتجة وغير نافعة .. الناس انتخبوا أعضاء مجالس المحافظات لتقديم الخدمات لهم، والحال في محافظة (....)، كما في المحافظات الأخرى، ليست جيدة والناس ليسوا سعداء إلى درجة لم يعد معها لمجلس المحافظ ما يعمله سوى إضافة مناسبة جديدة الى المناسبات الكثيرة التي نخشى معها ألا نجد ذات مرة يوماً لا نحتفل به!
قرارٌ لا حاجة له
[post-views]
نشر في: 29 إبريل, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
الخطر كان دائما صنع الانتهازيين--انا متاكد بان عدد الدين تحولوا من بعثيين متطرفين الى شيعه متطرفين- ليس بقليل---والانهازيون اكثر بعثيه من صدام واكثر مقتدويه من مقتدى الصدر وكلاهما -الانتهازى البعثى والانتهازى المدهبى يريدان حربا حربا حتى النصر والاخرة ف
سامي الحاج
أظن يا أستاذ حسين أن الحشد الشعبي هو مسمار قوي في نعش العراق الذي يجهزّه السنة والشيعة على حد سواء