TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مهرجون في سيرك التقسيم

مهرجون في سيرك التقسيم

نشر في: 29 إبريل, 2015: 09:01 م

جرى أمس حديث ساخن في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن موضوع كان البعض يرفع سلاح التخوين بوجه كل من يتحدث به، وأعني به تقسيم العراق، وكانت المسألة الكبرى في هذه البلاد هي ادعاء البعض انهم يقفون ضد محاولات أميركا لتجزئة البلاد، ونراهم كل يوم يشتمون رامسفيلد صباحا، وبريمر ظهرا، ونتنياهو مساء، فيما ظل البعض حتى مساء الامس يعتقد اننا شعب "انبطاحي" يسير وراء حكومة ذليلة خانعة لارادة اوباما.
من يخاف من التقسيم؟ ليس الساسة بالتاكيد، فهم في سرهم مرتاحون إلى تشكيل المقاطعات الطائفية، وقد ملّوا في جلساتهم الخاصة ترديد نشيد موطني، وأوكلوا المهمة للمطربة إليسا التي استبدلت الطاء بحرف التاء، لايهم موطني أو موتني، فنحن شعب ارتضى ان تعيش كل مجموعة فيه تحت راية مذهبية، لنتحول من وطن أُريد لها ان يكون قويا وفاعلا، الى أوطن مسكين و مفكك، مأساته ليست في خطب أوباما وقرارات الكونغرس، وتحمس الجمهوريين لمشروع بايدن، وإنما في الداخل الذي يريد القائمون عليه ان نعيش معهم أغبى وأسوأ مرحلة في تاريخنا.
من كان يتوقع ياسادة أننا نقرأ كل يوم خبر مقتل العشرات وتشريد المئات، ونشاهد صور الجثث المجهولة الهوية، ثم نغلق التلفزيون ونرمي الصحيفة جانبا، ونحن نردد مع أنفسنا، أنها ألاعيب الصهيونية وتفانين المستعمر، في الوقت الذي يسير فيه البلد الى الوراء بكل شيء، في الاقتصاد، والامن والتعليم والصحة، المكان الاول فيه لنواب الطوائف ومسؤولي التوازن الذين يصرون على ان ينزلقوا بالبلاد والعباد إلى منحدر يبدو بلا قرار، لانهم يعتقدون ان الاختلاف هو الطريق السهل للابتزاز وممارسة الضغوط وتحقيق المطالب، ليغيب صوت العقل والمنطق، لأن البعض أغلق أذنيه عن سماع الأصوات التي لا تعجبه.
أعرف وكما يعرف جميع العراقيين ان الكثير من ساستنا لم يستوعبوا بعد، فكرة ان التغيير الذي حصل عام 2003، يعني في المقام الاول التخلي عن عقل احتكار السلطة، وان العملية السياسية لم تعد تحتمل جدالا، هل أنت مع الشيعة أم تدافع عن السنة؟، أعتقد ان السؤال اليوم هو في كيفية صناعة نظام ديمقراطي بعد عقود من السلطة المطلقة؟ وهكذا سؤال يتطلب ساسة ومسؤولين يضمنوا للعراقيين جميعا بلا استثناء، مبادئ العدل والمساواة، و يدركون أنّ الحكم لايعني، استعراض العضلات، وممارسة لعبة الشحن الطائفي.
كنا نسمع حكايات التقسيم في يوغسلافيا وإندنوسيا والسودان، واعتقدنا ان هذا الزلزال بعيد عنا، وها نحن اليوم نتوهم ان الذي يريد ان يقسمنا هم الأميركان، فيما الواقع يؤكد اننا وحدنا دعاة التقسيم والفُرقة والتناحر المذهبي، قبل اكثر من تسعين عاما اصر المستعمر ونستون تشرشل على توحيد العراق، وها هم ساسة " الصدفة لايملكون سوى شعار واحد:: فليسقط العراق وتحيا طوائفنا!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram