هل يمكننا الحديث عن التطرف بوصفه نتيجة لا واقعاً؟ اعتقد أن تصورا كهذا يمنحنا فرصة كبيرة لمعرفة كم هائل من الحقائق والأمنيات في الوقت ذاته، إذ أن أي تصور لعراقٍ بدون احزاب دينية مثلاً سيتيح لنا الحصول على معادلة مختلفة تماماً من خلال نتيجة مفادها أن لا اقتتال بيننا، وبذلك سيكون عدد القتلى من العراقيين رقماً لا معنى له، وقد لا نجد رقماً ابداً.
ولكي لا يتهمنا احد بالمروق والتجاوز على جوهر ما يعتقد به، نسأل السؤال البريء جداً ونقول بافتراض أن جميع توجهات الزعامات السياسية الرسمية وشبه الرسمية في الدولة وبضمنها المؤسسات الأهلية استبدلت وجهتها، بقرار وطني انساني خالص، وبنت لنا بدلا عن المئات والآلاف من مقرات الأحزاب وتوابعها والمساجد والحسينيات والخانات ومفاصل التشدد الأخرى التي بنيت بعد العام 2003 نقول: توجهت وجهتها الصحيحة وبنت لنا آلاف المدارس والمستوصفات والجامعات والاسواق والشوارع والحدائق العامة والنوادي الرياضية والمقاهي والكازينوهات . أما كانت حياتنا افضل ؟
ونتجرأ لنسأل السؤال التقليدي جدا، وقد بلغنا ما بلغنا من الموت والخراب والفرقة والاحتراب. ما الذي انتفع منه الشعب من عمل الطبقة السياسية في العراق؟ وهذا سؤال يمكننا توجيهه إلى جميع السياسيين العراقيين: هل بينكم من يقول باني عملت كذا وكذا لصالح العراق ووحدته واقتصاده ومستقبله!! لأن دخيلة العراقي تقول بان هؤلاء هم، على اختلاف توجهاتهم، من جردوا العراقي من امنه ومستقبله في الحياة. لننظر إلى مليارات الدولارات التي صرفت على التسليح، ومثلها من التي صرفت على المشاريع الفاشلة، ومثلها التي صرفت على المساومات بينهم، في عمليات الصمت المشتركة، ونتذكر هنا بمقولة السيد المالكي الشهيرة: لدي ملفات لو فتحتها لانهارت العملية السياسية. كأننا لم نصل انهيارنا بعد ؟
لا أملك مبلغا معينا لكلفة الحواجز الكونكريتية التي صرفت بسبب الوضع الأمني منذ العام 2003 إلى اليوم لكني املك تصوراً بسيطا لحجمها، إذ انها لو جمعت ورصفت على شكل مبان لغطت مساحات شاسعة من أرض الوطن ولسدت النقص الحاصل لدينا في السكن والمدارس والمستشفيات والمستوصفات، ولا أظن احداً يختلف معي في هذه. ولولا وجود طاقم السياسيين الدينيين العراقيين الذي لم يجلب لنا سوى العنت والتشدد والاحتراب لما كنا بحاجة لمئات الآلاف من البدلات والتجهيزات والملابس العسكرية، التي انفقت على الجنود ورجال العشائر ولو كنا تجاوزنا حاجتنا لها ولأشرتينا بثمنها اجمل موديلات الزي المدرسي. لنتصور حالنا وحال اجيالنا الجديدة لو كنا اشترينا بثمن خراطيش الرصاص وأطنان القنابر والمقذوفات والألغام عددها من الآلات الموسيقية(كمنجات وأوركوديونات ...) ووزعناها على طلبة مدارسنا وأولادنا ليلهوا بها. أما كنا في حال افضل؟
يتحدث سياسيونا عن قرار التقسيم الأمريكي باستنكار ورفض، ولا يملكون أدنى الحلول للتصدي له، بعد خراب اللحمة الوطنية، ووصولنا الى الهاوية. يتحدثون كأنهم لم يكونوا السبب في ذلك كله. ما كان العراق ليصل إلى الحال هذه لولا سوء إدارة احزابنا الحاكمة. ولا وقت لتبرئة أحد فالكل متهم مدان في نظر الشعب المغلوب. الذي استغلت عواطفه في غير مبتغاها. سيأتي اليوم الذي لن يكون احد فيه بمنأى عن المساءلة والعدالة، القانون، الذي سن لمحاسبة من تجاوز على حقوق الشعب. يوم يتخلص التابعون من قيود عواطفهم ليتحدثوا ويتحدوا بلسان عقلهم ومستقبلهم.
المعادلة العراقية الصعبة
[post-views]
نشر في: 2 مايو, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...