TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سطوة المصطلحات

سطوة المصطلحات

نشر في: 3 مايو, 2015: 09:01 م

كل حقبة زمنية تمر، تحمل معها دلالاتها وتدمغ عليها بصمات أصابعها، وبالتالي شيوع مصطلحاتها.
ذات حقبة، راج استعمال (الإمبريالية )، والتي صارت تقحم طي كل مقال، وتتلوى إثر كل تصريح. وهي لفطة أعجمية الأصل. عربت، لتعني بين ما تعنيه، الاتجاه السياسي المتصف بالسيطرة والتوسع، وقيل إنها درجة من درجات الاستعمار.
ثم راج تعبير( الإنتهازية )، مصطلح غلب على طروحات الكتاب للتعبير عن نمط من الأخلاق غير المستحبة، فالانتهازي — الساسة وسواهم — هو كل نهاز للفرص، من يحسن الاستفادة من الظروف - حتى العصيبة - وتطويعها لخدمته ولمصلحته، سبقه وزامنه مصطلح (البرجوازية) والأصل فيها- البرجوازي - ساكن المدينة، ثم تطورت فصارت تعني ذاك المتمتع بحقوق خاصة، كالرفاه والترف، وغدت عند العمال تعني السيد المطاع، وربما حمل المصطلح معناه السلبي، كتهمة جاهزة او شتيمة حين تستوجب الشتيمة.. ثم عاصرنا مصطلح (الديموقراطية) التي صارت علي لسان كل من هب ودب، دون الإيغال العميق بمعناها السامي، ثم تداولت الأقلام مصطلح (الديماغوجية)، وهو مصطلح أخذ سبيله عبر كتابات علماء الاجتماع والسياسة، وهي تعني الطريقة التي يتملق بها جمهور العامة نفرا من المتنفذين. ولا بد من الإشارة، إلى ان البعض قد ترجم المصطلح بـ (الغوغائية)، ثم تواترت على الأسماع مصطلحات عديدة منها :(المحسوبية) التي طغت استعمالاتها ويراد منها إيثار المسؤول المتنفذ، لجماعة من رواده ومقربيه، كشرط للولاء المطلق، رغم افتقارهم للحد الأدنى من الخبرة والكفاءة.
كما طرق اسماعنا مصطلح (الوصولية)، والوصولي هو من لا يقف دون مصلحته الشخصية أي عائق: ديني او اخلاقي او اجتماعي، فهو يرتكب ما يرتكب من محظورات، دون خوف من مساءلة، او تحسبا من تأنيب ضمير.
الآن… يواجهنا مصطلح (الطائفية): كأعنف واقسى ما مر بنا من سوءات المصطلحات. وباسمها، يجري كل هذا الاحتراب، وجز الرقاب وأنهار الدم، والتهجير والترويع، والخراب، فمتى وكيف يتسنى للعراقي غير المسيس، غير المنتمي إلا لإنسانيته ولمفهوم الوطن ان يقبع في سفينة مخروقة تتقاذفها رياح الأعدقاء (الأعداء الأصدقاء) يراقبون غرقها الوشيك الذي خطط له بروية محسوبة٬ ويتم تنفيذه عن عمد وتصميم وسابق إصرار وترصد.؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram