TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تقشّف المتقشّفين

تقشّف المتقشّفين

نشر في: 4 مايو, 2015: 09:01 م

صاحب تلك المخيلة العراقية التي رسمت صورة فقير كان على جمل وعضه الكلب، تستحق التقدير. كلما وصلتني رسالة من عراقي يشكو انهاء عقد عمله المؤقت من العمل بحجة التقشف لاحت لي صورة ذلك المثل. كذلك تحضرني حين اقرأ عن جموع شباب رُدّت معاملات تعينهم للحجة ذاتها. دائما وابدا يخلص منها المرفهون والمترفون بنهب المال العام وتقع برأس الفقير الذي يتصارع برجليه وقدميه من اجل لقمة خبز نزيهة. مثل جاءك الموت يا تارك الصلاة، جاء التقشف الجديد على الفقراء او ذوي الدخل المحدود.
نعم ان العراق في ازمة مادية كبيرة ليس سببها فقط انخفاض سعر النفط كما يشاع، بل ومعه هدر المال العام وسرقته وصرفه بالأكوام على فضائيين وأصحاب مناصب بلا عمل حقيقي حتى طار منه أكثر من 760 مليار دولار في 4 أعوام بلا نفع ولا فائدة للوطن وناسه. راح كله بجيوب الفايخين والفايخات من دون ادنى وجع قلب.
هل سأل رئيس الوزراء نفسه: أنحتاج فعلا كل هذا العدد الهائل من الوزراء الذين قطعا راتب الواحد منهم يكفي تعيين مئة عامل نافع؟ اوكي. لنعد لقاعدة الاجر على قد المشقة. والمشقة تعني التعب من اجل نفع الوطن وبنائه. وعلى مقدار هذا النفع يتحدد الاجر. لنأخذ وزارة المرأة كمثال وننزل للبيوت والشوارع ونحسب النفع الذي قدمته للمرأة للعراقية. نحسبه ونقارنه بميزانية الوزارة. هل تستحق كل هذا الصرف؟ لا أقول ادري بل نحتاج ان نجرب.
قبل أيام كتبت عن شحة أصدقاء العراق الذين لا ابالغ لو قلت ان عددهم صفر او تحت الصفر. اليوم نسأل: ألا يعني ذلك اننا عاطلون عن العمل في مجال العلاقات الخارجية؟ اذن لنحسب ميزانية وزارة الخارجية خاصة تلك التي تصرف على السفارات. صدقوني ستجدون الأرقام مرعبة. ونعود نسأل: ما نفع هذا العدد الكبير من الكوادر الدبلوماسية ونحن لم نكسب من خلالهم صديقا واحدا للعراق؟ الحقيقة ان السفارات، ان كان وجودها ضرورة تقليدية، فاني أرى ثلاثة موظفين فقط يكفون لإدارتها ما دامت لا تشغل نفسها بكسب دولة واحدة كي تكون صديقة لنا. الثلاثة هؤلاء يمكن ان يمشوا معاملات العراقيين في الخارج في البلد الذي يتواجدون فيه. تذكروا انه بفضل الإدارة الالكترونية ونعمة الانترنت يمكن انجاز معاملات الناس بلمح البصر.
لم اذكر المثالين السابقين عن قصد بل انهما هكذا خطرا ببالي. الفكرة هي ان نمر على عمل كل وزارة ومؤسسة وهيئة حكومية ونحسب ما قدمته للمصلحة العامة الخالصة مقابل ما استلمته من المال العام. فان كان الذي تأخذه اكثر مما تعطيه فإنها تستحق الترشيق حد العظم. وهذا هو التقشف العادل. امام ان تأتي على المواطن الذي هو متقشف من أساسه وتُقشّفه فتلك التي لا يرضى بها الله ولا ابنادم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سامي الحاج

    وماذا عن جوگة نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram