حازم مبيضينبعد مرور عام كامل وهادئ على حرب غزة بين إسرائيل وحركة حماس، لا يخفي الجانبان أنهما يستعدان لاحتمال مواجهة جديدة، على الرغم أنه لم يقتل جندي أو مدني إسرائيلي منذ فترة ليست قصيرة، في هجمات من قبل الحماسيين،
وهي ظاهرة فريدة تعتبر إسرائيل أنها ناجمة عن فرضها لهذا الهدوء بقدرة الردع، في حين تواصل حماس إعادة بناء قواتها، بدعم من إيران، ويرى محللون إستراتيجيون أنه بما أن الجانبين يتوقعان النزاع، فسينتهي اﻻمر إلى ذلك، على الرغم من أن إسرائيل تسعى إلى استقرار سياسي، فيما حماس تعمل على استعادة قدرتها العسكرية. هذا الهدوء الحذر، يترافق عملياً مع اشتباكات يومية في المنطقة الحدودية بين غزة وإسرائيل، وقد أحصت إسرائيل إطﻼق ٢٧٥ قذيفة وصاروخ خلال العام المنصرم، لكن ذلك ليس من إستراتيجية حماس، التي تركز جهدها الآن على التزود بالسلاح، وليس ذلك سراً، فقد أكده رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، معتبراً الموضوع أمراً إلهيا لحركته التي تواصل زعم تحقيق انتصار سياسي في حرب غزة، لمجرد أنها أخفقت في تدميرها، ويذكرنا ذلك بإعلان بعض الأنظمة العربية أن إسرائيل لم تحقق انتصاراً في حرب عام 1967 ، لأنها لم تسقط أنظمة تلك الدول، ولنا أن نتصور انتصارنا في تلك الحرب ونحن نعاين اليوم ونعاني من نتائجها. وحماس اليوم تتبنى أساليب قتالية جديدة بعد هزيمتها العسكرية، ومنها تهريب السلاح عبر الإنفاق، وهي عملية يبدو أن مصر مصممة على وضع حد لها، ببناء جدار فولاذي، يمنع استمرار عمليات التهريب، التي كان من بينها تهريب صاروخ إيراني الصنع يصل مداه الى ٦٠ كلم، وبما يعني قدرتها على الوصول إلى تل أبيب، وإسرائيل ليست غافلة عن ذلك، وهي تطور نظاماً دفاعياً، يمكنه تدمير الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة قبل سقوطها في الأراضي الإسرائيلية، هذا ان تمكنت من الوصول إليها. يترافق هذا الهدوء الحذر مع استمرار التفاوض لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المختطف لدى حماس، وقد اختارت إسرائيل مواصلة المفاوضات، وقررت حكومة نتنياهو عدم المصادقة حالياً على اتفاق لإطلاق مئات المعتقلين الفلسطينيين، مقابل شاليط، وانقسمت الحكومة إزاء الموقف الواجب اتخاذه من شروط مبادلته بنحو ألف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، فيما اتهمت حماس الحكومة الإسرائيلية بعرقلة التوصل إلى اتفاق، لكنها أكدت أنها لن تغلق باب المفاوضات، ويعني هذا عملياً استمرار التفاوض والحصار والمعاناة التي يتعرض لها الغزيون منذ أكثر من ثلاثة أعوام، فيما تتفنن حماس في اختراع ما يؤخر ويؤجل التوصل إلى اتفاق لإعادة شاليط – العديم الأهمية – إلا من الناحية الإنسانية بالنسبة لعائلته، مقابل استمرار معاناة الغزيين التي يبدو أن قيادة حماس ليست معنية بها، إلا من قبيل استغلالها إعلاميا لمصلحتها التنظيمية. انتصرت حماس كما تقول، لكن الذين يدفعون ثمن انتصارها المزعوم هم أبناء القطاع، فيما يواصل أعضاء قيادتها المقيمين في دمشق جولاتهم المكوكية، بحثاً عن تثبيت سيطرتهم على القطاع، دون أدنى إحساس بمعاناة أبناء شعبهم، انتصرت حماس كما تدعي لكن صواريخها العبثية توقفت عن الانطلاق، وفوق ذلك فأنها تمنع أي فصيل آخر من التحرش بإسرائيل من خلال الصواريخ، صحيح أن الإسرائيليين يدفعون اليوم ثمن قسوة وهمجية حربهم ضد المدنيين في غزة من سمعتهم الدولية، لكن القاطنين قريباً من الحدود يعيشون بأمان وهدوء فيما يعاني الغزيون أشد وأقسى أشكال المعاناة.
خارج الحدود: عام على حرب غزة
نشر في: 25 ديسمبر, 2009: 07:59 م