تقول المستشارة انجيلا ميركل في يومياتها، بعد انهيار جدار برلين، أرسل عدد من الساسة الذين ينتمون الى اليمين المتطرف، إلى المستشار هلموت كول يطلبون منه التريث بفتح ابواب المانيا الغربية على مصراعيها بوجه الحشود التي زحفت من المانيا الشرقية، فربما حسب رسالتهم سينهار الاقتصاد الالماني، ولم يلب كول رغبتهم، بل ذهب المستشار الى برلين ووقف ليعتذر عن كل ما جرى خلال السنوات الماضية التي ادت الى الفرقة بين ابناء الوطن الواحد.
وفي رسالته الى الشعب الالماني قال "أعيدوا قراءة التاريخ بهدوء، القضية الكبرى ليست ما فعله الجدار بنا، المسألة الكبرى هي ما سنفعله بعد ازالة الجدار".
منذ اسابيع ونحن نتابع بشغف حروب الفيسبوك حول الأحداث في الأنبار، ونعيش مناخاً يعلو الطائفية والقبلية، والبعض يريد منك أن تصبح بوقا طائفياً.. فيما اخر يريد ان يخوض حرباً بالناس لصالح موقعه في السلطة.
لقد امتلأت صفحات الفيسبوك بالحديث عن التفجيرات الاخيرة في بغداد وقرأنا كلمات الشجب والاستنكار.. وهذا التضامن مع الضحايا أمر جيد ومهم، لأننا جميعا ضد الارهاب بكل اشكاله وانواعه الامني والسياسي.. إلا أن الغريب ان هناك حالة من الصمت إزاء الاحداث المروعة التي يتعرض لها المدنيون العزل في الانبار، سواء من عصابات القاعدة او من جراء عمليات التضييق عليهم ومنعهم من دخول المدن بحجة وجود ارهابيين في صفوفهم.
أليس من حقنا ان نسأل اذا كان الارهابيون قد تخفوا في زي المهجرين، فاين الاجهزة الامنية واستخباراتها واجراءاتها المشددة؟ و كيف دخلت السيارات المفخخة الى بغداد؟ وكيف استطاع الارهابيون ان يتحركوا بكل سهولة في شوارع العاصمة المزروعة بالسيطرات؟
ولاننا نعيش هذه الايام أجواء حرب شتم الامبريالية الاميركية.. ونستمتع بتغريدات حنان الفتلاوي عن "الانبطاح" وننظر "بإعجاب" لقفزات صالح المطلك بين ضفتي الحكومة والمعارضة، وغارقون حتى أذنينا في مهرجان الخطابة الطائفي، وتخطفنا الصحف والفضائيات لنتابع اخبار السياسيين المزيفين، لم تتوقف ضمائرنا لحظة واحدة عند مأساة النازحين من اهالي الانبار ولم يصدر احد منا ولو بيانا صغيرا عن الضحايا من المدنيين، أو مجرد تصريح يوضح للناس ماذا جرى، والأخطر من ذلك ان نوابنا الاعزاء لم يغضبوا، والاصعب من ذلك ان المجتمع بأكمله أصيب بحالة من الصمم المزمن ازاء هذه الفواجع، لان الجميع مشغولون "بمنازلة اميركا"، والبعض منا ينتظر اللحظة التي تقرر فيها عالية نصيف قطع لسان اوباما
ما معنى أن يصرّ ساستنا ومسؤولونا على التمييز بين سكان هذا الوطن على أساس طوائفهم ومعتقداتهم؟.. ما معنى ان يقول سياسي اننا لن نسمح لاهالي الانبار الدخول الى مدننا؟، وكأن سكان هذه المحافظة ليسوا بعراقيين.
اخر تقليعات الديمقراطية العراقية دعوات لحفر خنادق بين بعض المحافظات والانبار تهدف إلى منع اهالي الانبار من الوصول إلى هذه المدن وقد رفض العالم أجمع رؤية جدار إسمنتي اسمه جدار برلين
فيما نحن نصر على خنادق العيب.
خنادق "العيب"
[post-views]
نشر في: 5 مايو, 2015: 09:01 م