TOP

جريدة المدى > سينما > الوعي السينمائي ورفض الدلالة

الوعي السينمائي ورفض الدلالة

نشر في: 7 مايو, 2015: 12:01 ص

ترتبط السينما بتاريخ غير بعيد مع الانسان وهذا واضح للجميع ، الا انها ولارتباطها بالآلة وتطوراتها نلاحظ تطورها المتسارع بكل مكوناتها ، ما جعل ثمة تداخل رهيب مابين السينما وعلوم ومناهج اخرى ، قد يرفضها دارسو السينما والباحثون والعاملون فيها ، وهو امر م

ترتبط السينما بتاريخ غير بعيد مع الانسان وهذا واضح للجميع ، الا انها ولارتباطها بالآلة وتطوراتها نلاحظ تطورها المتسارع بكل مكوناتها ، ما جعل ثمة تداخل رهيب مابين السينما وعلوم ومناهج اخرى ، قد يرفضها دارسو السينما والباحثون والعاملون فيها ، وهو امر مهم جدا يسعى لمحاولة تقشير ما علق بجسد الفن السينمائي من خارجه ومحاولة النظر الى السينما بكونها ناتجة من اتحادات ليست من صميمها ، بمعنى ان السينما تعول على مجالات اخرى لتكميل ذاتها . وهو امر يحاول هذا الكتاب الاشتباك معه ومعالجة تلك الاشكالية بطريقة مثيرة للإعجاب وتشير الى ذائقة سينمائية ووعي غي منمط امتلك حريته ، فانطلق يتساءل ويتشاكل ويرفض ويحقق ويزيح . من اجل فلم سينمائي نابع من روح السينما وليس من مكونات مجالات اخرى . فالسينما عقل حاذق وآلة بحس رفيق وقدرة على التشكيل والبناء الصوري .
في كتاب (دلالة السينما ) للناقد والمخرج السينمائي العراقي فراس الشاروط هناك سعي حثيث الى ايجاد افضل الطرق لملاحقة المصطلح بعد انتقاله من بيئة سابقة الى بيئة لاحقة ، بمعنى ان المصطلح الداخل الى المجال السينمائي سيكتسب وجوده ودلالاته وفق سياقه الجديد بعيدا عن مفايهم اللغة والنحو والاتجاه نحو لغة مختلفة عن اجناس ادبية اخرى.
فما هي الدلالة في السينما اذا ما عرفنا ان ثمة اتفاقا على كون اللفظ المفرد لا دلالة له الا بدخوله في سياق يحدد دلالة تلك المفردة ، فهي متغيرة بتغير السياق ، وهناك اشكالية اخرى فيما يتعلق بالدلالة والمعنى ، اذ ان المعنى يهتم بدراسة تراكيب السياقات وبناء الدلالة تهتم بالمفردة . والهدف هو تخليص فن السينما من تبعات المصطلح اللغوي الذي يتعامل معها كلغة ولا باس بذلك ، ولكن ان يزيح عنها خصوصيتها الفنية الى مشكلات علم اللغة والدلالة ما يمنح تلك الخصوصية في التحليل الفيلمي او النقد السينمائي .
فالسينما هي فن مستقل ، وهي مزيج فيزياوي . وخصيصة المزيج ان تجانسه ظاهري خادع يسهل بقليل من الجهد فصل مكوناته واستقلالها ، والسينما ليست خليطا ، (الصوت من الموسيقى والقصة من الادب والتمثيل من المسرح والتكوين من العمارة ) ، فهذا خطأ ، لان السينما ليست عملية الصاقية (كولاجية) بل هي كينونة لا مجال الى فصل مكوناتها.
والسينما صناعة بالمعنى الاقتصادي ، وهو ما لايمكن ان يوجد في اي فن اخر ، هي فن مرتبط بعلاقة متبادلة بين الانسان والآلة وهنا تساوي اهمية المستهلك اهمية الفن نفسه.
وبخصوص الدلالة السينمائية مع خطورة استخدام هذا المصطلح ، لا تبنى على اساس اللقطة او المشهد لانها ، خلافا اللغة الطبيعية ، لا تمتلك ارثا تداوليا يفتح افق الدلالة على اتفاق عام ، فالسينما تؤسس في كل فيلم لنظام تعبيري مختلف ليست له مرجعية راكزة في ذهن المتلقي او في تراث السينما نفسه.
الفيلمولوجيا ، لو اتيحت له فرصة الاستقلال لكان بديلا عن اللغة السينمائية التي شاعت في المدونات النظرية والاجرائية في البحوث السينمائية ، وهذا ما يعني دراسة التعبير السينمائي مستقلا عن تأثيرات غيره من العلوم ما يضمن استقلال البحث عن تأثيرات تلك العلوم ومناهجها.
وفق ذلك يمكن ملاحظة القدرة التجاوزية للسينما لمفهومي الدلالة والمعنى من خلال قدرتها على تجاوز الاصل الواقعي والذهني للمعنى ، فاذا كان المعنى يتأسس وفق معطيات الواقع العينية او على تجاوز عينية الواقع عبر نشاط تخييلي او تجريدي ، فإن السينما تتأسس على واقع غير عيني ، لانها تعمل على صنع واقعاا موازٍ تختلط فيه مفاهيم الادراك بمعطياته الحسية والتخيلية والتجريدية.
اذا كان المبدع السينمائي يفكر باللغة ، ويرى ان السينما لغة بصرية ، وانها وسيلة تعبير كاللغة تماما ، فليس في وسعه التخلص من ظل سلطة اللغة في ابداعه السينمائي ، وان على المبدع السينمائي ان يعي ان استخدامه اللغة في السينما انما يجعلها هي ذاتها مكونا دلاليا ضمن مكونات السينما .
جاء الكتاب بثلاثة فصول ألحقت بها هوامش تعريفية بالمصطلحات الواردة بالكتاب ، فكان الفصل الاول (الدلالة بين اللغة والسينما) والفصل الثاني (السينما من الدلالة الى التعبير الفيلمي /الفيلمولوجيا) والثالث (المكون الدلالي وكيفية توظيفه سينمائيا) . الكتاب فيه من المعلومات عن السينما الشيء الجميل والمثري للقارئ ، وهو يستحق القراءة بجدارة لانه يمتلك متعة عاليه في الاسلوب وطريقة تناول المعلومة . انه كتاب رائع ومن اجمل ما قرأت لعام 2014.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram