فيلم “هيروشيما حبيبتي” قصيدة سينمائية أخرجها آلان رينيه عام 1959. وقد حقق الفيلم نجاحا فنيا هائلا في داخل فرنسا وفي خارجها. واعتبره النقاد أروع أفلام تيار «الموجة الجديدة» في السينما. لقد كان المخرج شديد الرغبة في معالجة مشاكل
فيلم “هيروشيما حبيبتي” قصيدة سينمائية أخرجها آلان رينيه عام 1959. وقد حقق الفيلم نجاحا فنيا هائلا في داخل فرنسا وفي خارجها. واعتبره النقاد أروع أفلام تيار «الموجة الجديدة» في السينما.
لقد كان المخرج شديد الرغبة في معالجة مشاكل عصره الجادة. فأخرج فيلما هاجم فيه الاستعمار بعنف، وهو فيلم «التماثيل تموت أيضا» عام 1952. ثم فيلم «الليل والضباب» - عام 1956 - عن معسكرات الاعتقال النازية وحينما دخل ميدان الأفلام الروائية الطويلة عالج أكثر المشاكل المعاصرة حدة والتهابا، وهي مشكلة القنبلة الذرية.. مشكلة الحرب والسلم. فقدم (هيروشيما حبيبتي) عام 1959.
ممثلة فرنسية جاءت إلى هيروشيما لتصوير فيلم عن القنبلة الذرية.. تنشأ بينها وبين مهندس ياباني علاقة غرامية، تثير في ذاكرتها جانبا من حياتها خلال الحرب في بلدتها الفرنسية - أثناء الاحتلال النازي - وعلاقتها بجندي ألماني شاب!. في الجزء الأول من الفيلم يقدم لنا المخرج، عن طريق فن المونتاج, مأساة هيروشيما من خلال أجزاء من الجرائد السينمائية والأفلام التسجيلية ومن بعض الأفلام الروائية اليابانية. وقد أعيدت صياغتها معا ببراعة وقوة. وصوت إنساني لا يفتأ يكرر «لا. لم نر شيئا من هيروشيما!».
ومع الأحداث التي تدور بين الممثلة الفرنسية والمهندس اليابانى في حبهما الخاطف الكبير، خلال أربع وعشرين ساعة.. في بيوت المدينة وشوارعها ومطاعمها، وفي المحطة, تختلط ذكريات الحرب في فرنسا والعقاب الشديد الذي لحق بالمرأة - وكانت في ذلك الحين شابة صغيرة السن - لأنها أحبت عسكريا ألمانيا شابا. قتلوه بعد ذلك أمام عينيها. وتلتحم الدراما الفردية بالمذبحة الجماعية في صرخة إنسانية واحدة تنطلق من قلب الفيلم فتهز أعماق أي متفرج: «كيف يمكن عمل ذلك. لمخلوق إنساني. وللملايين من البشر!؟» تلك هى «التيمة» الرئيسية في الفيلم. صيحة مدوية ضد الحرب النووية الحديثة التي توشك أن تدمر الإنسان والعالم. وكل ما على الأرض من حياة.
لقد كان فيلم (هيروشيما حبيبتي) أروع إنتاج فني «للموجة الجديدة» - ليس فقط لأسلوبه الثوري في المعالجة السينمائية للموضوع. وإنما أيضا لوقفته الإنسانية العميقة الصلبة إزاء مشكلة الحرب والسلم. نسي صاحب المقال ومترجمه الإشارة إلى الدور الذي لعبته كاتبة النص وهي مارجريت دوراس في نجاح الفيلم.