علي القيسيلا شك ان لصمت المدافع، بعد صدى دويّها، ثمنا باهظا ، مثلما للحروب ، مهما طالت أو قصرت و تداعيات وبيلة تبقى الى امد بعيد ، تدفع ثمنها غاليا الاجيال البريئة التي لم تشارك في احداثها لتشكل هذه التداعيات الخطيرة عبئا ثقيل الوطء على صحة ومستقبل هذه الاجيال الصابرة !
وبنظرة سريعة الى حجم الخراب الذي خلفته الحروب التي مرت ببلادنا في العقود الثلاثة الماضية، سنجد انفسنا امام حقائق مرعبة ، يشيب لها الولدان ، لهول ما انطوت عليه من خيبات انسانية ومادية ، حتى بحسب ظن المطلع - ان السماء كانت تمطر علينا وقتذاك مآسي وبلاوي سود. وقد طالت الحروب، حتى النخيل الذي يمثل ثروة وطنية كبيرة يمكن لمردوداته المادية ان تنافس النفط.حيث تعرضت هذه الشجرة العتيدة الى مجزرة رهيبة، ليموت منها دون ذنب الملايين. لتصبح كما الناس حطب نار مازال اوارها لغزا عصيا على الفهم. ولأن الحروب صارت ماضيا وتأريخا ، لكن تداعياتها مازالت تعتمل وتتشظى بطريقة او اخرى مشكلة صورا جديدة للمآسي المفزعة ،وكأنها كوابيس لا فكاك منها ابدا ً. فقد اعلنت مصادر صحية الاسبوع الماضي عن ارتفاع عدد الاصابات السرطانية في مدينة البصرة ، وكأن نيران الحروب لم تخمد بعد . يأتي ذلك وسط صمت مريب للجهات المعنية . فقد قالت المصادر الصحية: ان حالات الاصابة بمرض سرطان الانسجة الناعمة ، وسرطان العظام اخذت بالازدياد بشكل خطير بين اهالي المدينة، ولم يكتف المصدر بل اضاف: ان هناك ارتفاعا ايضا بالتشوهات الخلقية ، واصابة الولادات الحديثة بالشلل ...وتؤكد مصادر صحية اخرى، ان مثل هذه الحالات تنتشر ايضا في مدينة الفلوجة ومناطق غيرها. والسبب بحسبها فضلا عن الاسلحة التي استخدمت في الحروب ، هو هذه المخلفات الحديدية الملوثة بالاشعاع التي يحتفظ بعض الاهالي بها للاتجار والمتجارة عن جهل بأضرارها. ان مسؤولية هذه الامراض الخطرة تتحمله السلطات المعنية ايضا بل المسؤولية الاكبر تقع على عاتقها، لانها تساهلت في محاسبة الاهالي وسحب هذه المخلفات منهم بالقوة. وذلك لآثارها المدمرة على صحة المجتمع عامة ومستقبل ابنائه.. ان التفريط بمحاسبة هؤلاء الناس او مصادرة ما بحوزتهم من مخلفات حديدية ملوثة بالاشعاع يمثل تهاونا بأهم واجبات الامن والسلامة، التي تسعى اجهزة الدولة عامة الى ترسيخها والحفاظ عليها. فهل هناك من ينتبه لخطورة الامر وينبري لمعالجته على وجه السرعة؟
كلام ابيض : تداعيات خطيرة
نشر في: 25 ديسمبر, 2009: 08:14 م