اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العقل في إجازة.

العقل في إجازة.

نشر في: 6 مايو, 2015: 09:01 م

مارس العراقيون الأوائل — مبكرا — فنون الكتابة بعد اختراعها. ومبكرا جدا، استوعبوا الفباء العلوم والفنون والآداب، وخبروا اسرار الأنواء، وتنبأوا بمواعيد هطول المطر واوقات جيشان العواصف ومواقيت سكون الريح..
نجحوا في ترويض بعض الحيوانات الضارية، وسخروها لخدمتهم: أليفة مطواعة. لكن العراقي - على وجه الخصوص والعموم — اخفق في معرفة مكنونات ذاته، فشل في ترويض نزعاته الجامحة، وتقنين شهواته المتعاظمة نحو السلطة (التسلط)والثروات (الاكتناز) والجنس (دون حدود). عجز ان يجعل ذاته قانعة، ومتسامحة وأليفة.
بلى،، ربما هي مزايا شعوب الأرض اجمع. لكن العراقي - يقولون - طبعه التطرف حتى في قولته: السلام عليكم. مجبول على النواح والحزن حتى في مواسم الأعياد.
………..
ليس الإنسان العراقي - وحده - من ينتحب، سرا وعلانية، كتب المكتبات التي كانت عامرة بأصحابها تشاركه حزنه الأزلي، وتنتحب بصمت مرير، ولكن ما من أحد يصيخ السمع
………..
برر صديق قديم— وهو على سرير المرض - فعلته - وانا اشدد عليه باللوم على بيعه مكتبته العامرة:
— ما العمل؟؟ ها؟ انا لا أجيد فعلة التوسل والاستجداء. فقدت ولدي في عملية تفجير وكان في طريقه للعمل، قضت زوجتي نحبها حزنا وكمدا، ابنتي المتزوجة هاجرت بأسرتها لبلاد بعيدة … ماذا علي ان اؤدي من واجبات دون حقوق بعد اربعين سنة خدمة، ها؟ مبلغ التقاعد شحيح، والنفقات باهظة، وأسعار الأدوية تتقافز بمتوالية هندسية:٢-٤-٨ دون رقابة او رادع عقابي، ذات يوم ساومني تاجر علي بيع مكتبتي.. رفضت، كيف يقايض الإنسان قطعا من كبده بفلوس؟؟عدت بعد حين اساومه بعد ان ضاقت ذات يدي واشتدت حاجتي، قلت ابيع مضغة كبدي ولا امد يدي ذلا وتوسلا …..
ذات ضحى حضر عمال مستعجلون، عبأوا الكتب - وهي زادي وشرابي — عبأوها حشرا في أكياس جنفاص (نسميها كواني)، وذهبوا بها،،،،، قال لي من اشتراها: لا تبتئس، انت محظوظ ورابح، اما انا فخسارتي محتملة، قد ابيع الكتاب بـ(خمسمية) وحين يشح عدد المشترين، اعرضه بربع!!!
قال مواسيا وهو يلمح دمعة مكابرة تترقرق بين الجفن والمقلة: لا عليك، لم يعد في العمر بقية لفض تلك الكنوز.. اين مكتبة جبرا إبراهيم جبرا؟ قيل إنها سرقت بعد احتراق الدار،، ومكتبة علي الوردي. أينها؟؟ قيل إنها مطمورة في قبو يتسلل اليه الماء إثر كل زخة مطر،، وكتب عبد الرزاق الحسني؟ ومكتبات: جعفر الخليلي، ويوسف الصايغ؟ وعلي جواد الطاهر / وغائب طعمة فرمان؟ ومدني صالح ومئات غيرهم ….
………
اعود للبداية، واستعير مقولة قيلت بحق (كلكامش): هو الذي رأى. احاورها، فتخرسني مدلولاتها، بلى هو - العراقي - الذي رأى، لكنه لم يرعوِ، لم يتعظ، لم يعتبر ولم يتدبر،، بل صار عبرة لمن اعتبر.!
؟.
بعد اربعين سنة خدمة؟ ها؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram