TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > احزاب "بالة"

احزاب "بالة"

نشر في: 8 مايو, 2015: 09:01 م

الاسواق العراقية تعاملت قبل عشرات السنين مع الملابس المستخدمة المستوردة من الخارج المعروفة باسم "اللنكات او البالات"، انخفاض القدرة الشرائية للموظفين الحكوميين والعمال والكسبة يعد احد اسباب انتعاش هذا النوع من التجارة ، شراء بدلة جاهزة من اورزدي باك وحسو اخوان، لا يستطيع دفعه الا اصحاب الدخل المرتفع من الافندية كبار الموظفين والتجار، اما خياطة البدلة فكانت بالاقساط المريحة يدفعها الزبائن شهريا، فقدم الخياطون في ذلك الوقت خدمة كبيرة لصغار الموظفين، جعلتهم يفتخرون ببدلاتهم امام زملائهم "المهتلفين" العاجزين عن خياطة "قاط توصاه" يمنحهم اناقة كاملة بموضة ذلك الزمن.
بعد عام الفين وثلاثة استورد التجار في ظل غياب الرقابة الرسمية مختلف البضائع المستخدمة من دول خارجية، كهربائية والكترونية وادوات المطبخ، حتى العاب الاطفال فضلا عن الملابس، والاحذية، اجلكم الله، فشاع استخدام مفردة "البالة" بوصفها تشير الى حاجات مستخدمة، عرفت بين الزبائن، بانها ذات كفاءة عالية مقارنة بالبضائع الجديدة المستوردة من مناشىء عديدة، تصنع منتوجاتها بشروط التجار العراقيين، لتصل الى المستهلك من دون الخضوع لفحص السيطرة النوعية ومواصفات الجودة وتوفير مستلزمات السلامة، فكانت سببا في اندلاع حرائق في المنازل نتيجة حصول تماس كهربائي، لذلك تضاعف الاقبال على اسواق "البالات" لاقتناء البضائع باسعار مناسبة، شاع استخدام مفردة "بالة " في الشارع العراقي حتى اصبحت مصطلحا تداوليا دخل الى المشهد السياسي، فحين يقول احدهم معلقا على تصريح نائب في البرلمان "تصريح بالة" يعني ان السيد النائب صاحب الحصانة البرلمانية استهلك مقولاته وكشف عن اصطفافه الطائفي، اما قول "حزب بالة" سواء كان قديما او حديث التشكيل، فيوجه الى تنظيم سياسي لم يعتمد الديمقراطية في اختيار امينه العام، اسس لاغراض انتخابية من قبل اشخاص تلقوا التمويل الخارجي ثم غابوا عن المشهد لفشلهم في الحصول على مئة صوت من قاعدتهم الجماهرية الواسعة على حد مزاعم الرفيق المؤسس المقيم حاليا في الخارج.
منتصف ستينات القرن الماضي تبنى مدرس تاريخ تشكيل حزب جديد ففاتح طلابه وزبائن "مقهى الطرف" للانتماء لحزبه، استجاب له الكثيرون فعقد المؤتمر التأسيسي في منزله، بعد تناول العشاء القى محاضرة تناولت اهداف الحزب ومشروعه المستقبلي، طلب من الرفاق الالتزام بسرية العمل والاستعداد لخوض المعترك النضالي، بعد اسبوع من تأسيس الحزب طلب القائد المؤسس من الرفاق جمع الاشتراكات، فكانت حصيلة مالية الحزب ثلاثة دراهم، فدعا الى عقد اجتماع استثنائي للبحث عن مصادر تمويل اخرى، "تفلش" الحزب قبل مرور شهر على اعلان تأسيسه، وماليته اعيدت الى اصحابها على حد الفلس، في زمن العراق الديمقراطي اتصل الرفاق القدامى بالقائد المؤسس، لاعادة تجربة تشكيل الحزب، لكنه رفض الفكرة، حفاظا على سمعته من تهمة تشكيل تنظيم سياسي لا يختلف عن "احزاب بالة" تعمل في ساحة سياسية خارج الخريطة العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram