TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لهذا اعتذرت

لهذا اعتذرت

نشر في: 8 مايو, 2015: 09:01 م

تلقيتُ منذ أيام دعوة كريمة من رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم للمشاركة في مؤتمر يبحث في موضوع حرية الصحافة في البلاد ينظّمه مكتبه اليوم السبت، وقد اعتذرت عن عدم الحضور لأسباب لا تتعلق بصاحب الدعوة ولا بالمجلس الأعلى.
اعتذرت عن عدم تلبية الدعوة مع ان ما سيبحث فيه المؤتمر هو من الموضوعات الأثيرة عندي شخصيا،ً ومن الاهتمامات الرئيسة للنقابة الوطنية للصحفيين العراقيين التي بادر العشرات من الصحفيين والإعلاميين المهنيين المرموقين لتشكيلها منذ أكثر من سنتين، وأتشرف بأنني كنت واحداً منهم.
في مرات سابقة أيضاً اعتذرتُ عن عدم المشاركة في فعاليات من هذا النوع. وأعني بهذا النوع المؤتمرات والاجتماعات الموسّعة التي يُدعى إليها على عجل الكثير من الناس، أقلهم المختصون ذوو الشأن، وأكثرهم ممن لا علاقة أو اهتماما لهم بالموضوع أو من الطارئين والمتطفلين عليه. والنتيجة أن يُقال كلام كثير، بعضه خارج الصدد تماماً، والنتائج تكون ضئيلة أو منعدمة... المؤتمرات والاجتماعات التي عُقدت تحت شعار المصالحة الوطنية، على سبيل المثال، أبرز أنموذج لهذا النوع من الفعاليات. فبعد أكثر من عشر سنوات وإنفاق مئات ملايين الدولارات، كانت الحصيلة النهائية صفرا على صعيد المصالحة التي ما من أحد من ساسة البلاد ومثقفيه وناشطيه المدنيين لم يؤكد ويشدّد على ضرورتها والحاجة الماسّة إليها.
أظن أننا أُصبنا بالتخمة من الكلام المُعاد والمُكرّر في شتى الموضوعات، من المصالحة الوطنية المغيّبة عمداً إلى الحريات الصحفية التي انتهكت على نحو سافر وعن سابق إصرار وترصد في عهد الحكومات السابقة، وبخاصة الحكومة الثانية للسيد نوري المالكي، مروراً بشتى الموضوعات والمشكلات والمشاغل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة .. لا أظن أن فكرةً مفيدة لم تُطرح واقتراحاً بنّاءً لم يُقدّم في مئات المؤتمرات والاجتماعات والندوات التي عُقدت على مدى اثنتي عشرة سنة، أو عبر وسائل الإعلام. والمشكلة ان أحداً ممن في أيديهم صنع القرارات المطلوبة لا يسمع، أو يسمع ولا يريد أن يحقق المطلوب.
لسنا في حاجة الى إعادة وتكرار الكلام السريع في الاجتماعات والمؤتمرات التي بين حضورها ممن "هبّ ودبّ"... ما نحن في حاجة إليه، بدلاً من ذلك، هو الكلام الرصين المستند إلى قاعدة معلومات رصينة والمنتهي إلى حصيلة رصينة من التوصيات والى خطة عمل للسعي من أجل وضعها في أيدي صانعي القرار ومتابعتهم والضغط عليهم للأخذ بها.
هذا يتطلّب أول ما يتطلّب الإعداد الجيّد للمؤتمرات والاجتماعات والندوات، والإعداد الجيد يعني تكليف مجموعة صغيرة من أهل الاختصاص والخبرة بوضع جدول عمل للمؤتمر أو الاجتماع أو الندوة وتكليف آخرين من أهل الاختصاص والخبرة أيضاً بإعداد أوراق تُوزّع سلفاً على المدعويين الى المؤتمر أو الاجتماع أو الندوة، لضمان ألا يحضر "من هبّ ودبّ"، وأن يكون الكلام في الموضوع المحدّد للبحث فيه، ولضمان أن يُستثمر الوقت على أفضل ما يكون الاستثمار، وألا يذهب هباءً المال المُنفق على ما يأكله ويشربه المشاركون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ياسين عبد الحافظ

    هذا الكلام السليم، ولو اننا حولناه الى تطبيق عملى فى حياتنا كمنهاج يومى، فانا متاءكد بان حالنا سيكون باحسن حال مما نحن به الان..

  2. مواطن عراقي

    انني من المتابعين لمقالاتك استاذ عدنان والمتشوقين لقرائتها، واليوم وبعد اعتذاركم عن حضور هذه الدعوة ازدادت مكانتك في قلبي و احيي احترافيتكم الصحفية ونزاهتكم وغيرتكم على هذا الشعب والوطن، مع الاحترام سلفا.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram