ما الذي يحدث لإنسان قليل الخبرة، حين يصبح مسؤولاً على مقدرات الناس؟ ما الذي تفعله فيه وبه نشوة السلطة؟ هل تتغير شخصيته من النقيض إلى النقيض؟ يقول فرويد في تحليله لشخصية المتسلط: "إن السلطة تقوم بمساعدة السلبيات الكامنة داخل شخصية المتسلط على الظهور".
يجد المسؤول "المبتدئ" في السلطة فرصة لتصفية الحسابات مع الجميع، فلابد من استخدام الكرسي في قهر "الخصم".. فهواة السلطة لايعرفون شيئاً سوى ان الدولة ومؤسساتها وبيوتها وناسها وأطفالها هي ملك خاص لهم.
لا يعترف المسؤول "الهاوي" بالخطأ ويعتقد ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل.. حين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فسادا ونهباً للمال العام.. وحين يصبح 40% من ابنائه أمّيين، وفقاً لتقارير دولية.. وتمارس فيه عصابات الجريمة دور القاضي والجلاد.. فان الأمر يدخل أيضا في قائمة "الخطأ والصواب" فلا مشكلة ان يتدرب "الهواة" لإدارة مؤسسات الدولة، وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لم يديروا من قبل دكان خضروات قبل ان يتربعوا على كرسي المنصب؟
ما نفع الخبرة مع مسؤولين يأتون من أحزاب تختصر الديمقراطية بصناديق الانتخابات، وبشعارات عن التكليف الشرعي والمهمة المقدسة، في تهذيب الشعب وتدريسه الأخلاق والفضيلة، حكام ومسؤولون يتصورون انهم لو تركوا كرسي المسؤولية، فانهم يتركون حكم الشرع.. يحولون معركة الخدمات والتنمية والعدالة الاجتماعية الى معركة تخاض باسم السماء، ففي مشهد كوميدي حاولت لجنة في محافظة ميسان منع عرض مسرحي، وستتساءلون حتما لماذا؟ الجواب مضحك وساختصره بأن انشر فقرات من الكتاب الذي اصدرته اللجنة الموقرة: "بناء على توجيهات السادة النواب، سيادة النائب الاستاذ ناظم كاطع الساعدي، سيادة النائب الاستاذ ماجد جبار الغراوي، سيادة الاستاذ علي معارج البهادلي، ونتيجة لعرض مسرحية تسيء لسيادتهم، يرجى ايقاف عرض المسرحية".
بالامس استقال البريطانيون الثلاثة إد ميليباند من زعامة حزب العمال البريطاني، ونيكولاس كليغ من زعامة حزب الليبراليين، ونايجل فاراج من زعامة حزب الاستقلال، لان احزابهم خسرت في الانتخابات البرلمانية، فقط اكتفى الرجال، بان اعتذروا من الشعب وغادروا السياسة.
لو سألت أي مواطن عراقي عن موقف هؤلاء السادة، فقد يموت قهرا أو ضحكا، أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهامهم بأنهم إما سذج او مجانين!.
اعود معكم الى المشهد الذي كتبت عنه فيما مضى، صفع رئيس وزراء كوريا الجنوبية من قبل مواطن، وانتحار وزراء في اليابان، واستقالة مارغريت تاتشر، ودموع الرئيس الألماني.. وتمعنوا في صورة سيادة الاستاذ النائب، الذي يرفض النقد والمساءلة، واسألوا اين نحن بعد أعوام من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، وحكومات الشراكة، والمحاصصة اللطيفة، وسيادة القانون.
انسوا.. فنحن مشغولون بالنظرية "التبادلية".. فقد اكتشف النائب عدنان الاسدي ان الوزير فلان يمكن ان يصبح مكان الوزير علان، شرط ان لايخسر احدهم المنصب.. انها مرحلة " المنافع الديمقراطية المشتركة "
سيادة الأستاذ النائب
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
يمعودين هاي انتو شبيكم يا كتاب ومحرر جريدة المدى اشو كلكم تتمتعون بقابلية لغوية فذة وعقول قوية مدركة ونشيطة وقارئين محنكين لآلاف الكتب على اشكالها ومؤكد تعرفون كتاب الله القرآن الكريم واجيالكم سليمة مالذي يوفقكم ويخرجكم على اشهار سيوف اقلامكم بفضح هؤلاء ا
د عادل على
سؤال الكاتب كيف يتغير الشخص الغير كفوء ادا وصل هدا الشخص الى النصه العليا بدون محاسب يحاسبه محق وضرورى أيضا ان نجيب على هدا السؤال-ابسط الامثله في العراق المنكوب لهدا الموضوع هما عبدالكريم قاسم وصدام حسين-----عبدالكريم ترعرع في عائله كريمه اما صدام حسي