استلمت قبل اسبوعين دعوة لحضور حفل لعازف فلوت الباروك ثيوذوروس توسونيذيس (من اليونان)، في قاعة السير جورج شولتي بأكاديمية فرانس ليست للموسيقى في بودابست. الجميل في الأمر أن هذا الحفل إنما كان حفل الامتحان لحصول توسونيذيس على شهادة الماجستير في العلوم
استلمت قبل اسبوعين دعوة لحضور حفل لعازف فلوت الباروك ثيوذوروس توسونيذيس (من اليونان)، في قاعة السير جورج شولتي بأكاديمية فرانس ليست للموسيقى في بودابست. الجميل في الأمر أن هذا الحفل إنما كان حفل الامتحان لحصول توسونيذيس على شهادة الماجستير في العلوم الموسيقية، فهو يوم الامتحان.
الحضور كان مزيجاً من زملاء توسونيذيس في الدراسة وأصدقائه، وبعض المهتمين وأساتذة الأكاديمية، وعدد كبير من أعضاء الجالية اليونانية في بودابست، فالفنان ينشط كذلك في تقديم الموسيقى اليونانية الجميلة في مناسبات هذه الجالية الكبيرة نسبياً. اختار توسونيذيس برنامجاً متنوعاً بدأ من موسيقى عصر النهضة عبر الباروك المتأخر حتى العصر الذهبي للموسيقى الكلاسيكية في أواخر القرن الثامن عشر. لكن الجزء الأساسي من الحفل خصصه لأعظم وأشهر مَن ألـَّف للفلوت في قمة عصر الباروك: مقطوعات للفلوت بمصاحبة فيولا دا غامبا وهاربسيكورد للفرنسي جاك-مارتان أوتّتير (1674 – 1736) عازف الفلوت وأحد أمهر صانعي الفلوت، وسوناتا الفلوت بمصاحبة التشلو والبيانوفورته ليوهان يواخيم كفانتس (1697 – 1773) عازف الفلوت في بلاط الملك فريدريش الثاني الكبير ملك بروسيا، وقد ألـَّف مئات الكونشرتات والسوناتات لهذه الأداة التي أجاد الملك العزف عليها وكثيراً ما شارك في تقديمها لضيوفه في البلاط.
قدم توسونيذيس كذلك سوناتا لباخ (بمصاحبة شيلو وبيانوفورته)، وأعمال انتوني نيومان وياكوب آركادلت و دييغو اورتيز وكلهم من القرن السادس عشر (لأربع أدوات فلوت خشبي بمختلف الأحجام)، واختتم الحفل بسوناتا جميلة للفلوت والتشلو والبيانو فورته من تأليف الايطالي بييترو نارديني (1722 – 1793) عازف الكمان الشهير تلميذ جوسبه تارتيني صاحب سوناتا ترعيشة الشيطان الشهيرة التي كتبت عنها قبل سنوات.
لسنا في معرض تقييم الحفل فنياً، بل أود الإشارة هنا إلى هذا التقليد الجميل الذي تسير عليه معاهد وأكاديميات الفنون في اوروبا، وانتشر إلى بقية بلدان العالم، منها العراق، وضرورة الحفاظ عليه. يُقدم خريجو أقسام الموسيقى والمسرح حفلات التخرج (في العزف أو التأليف أوقيادة أوركسترا، كذلك التمثيل أو الإخراج الخ)، وهي نوع من الاعتراف بالشوط الذي قطعه الطالب واستعداده لترك مقعد الدراسة والبدء بالحياة العملية الفنية.