لا مفاجأة على الإطلاق، أن نكون الرقم الاول في قائمة الشعوب الاكثر بؤسا، وأن نحصل على المراكز المتقدمة في سباق الفساد السياسي والمالي، ما المفاجأة فى بلد يريد له مسؤولوه وساسته ان يستقيل من التاريخ والمستقبل؟
ما المفاجأة ونحن ننشغل بمعركة "تفسير الانبطاح" بين حنان الفتلاوي وبليغ ابو كلل، ونغفل ونتغافلعن مقتل صحفي شاب "رعد الجبوري" ذنبه الوحيد انه أحب وطنه بصدق وكره صبيان السياسة ومشعوذيها، فكانت خاتمته رصاصة في القلب وبيانا منمقا من الناطق باسم الداخلية يتهم الراحل بانه نحر نفسه بنفسه، مع جملة اثيرة على قلب كل ناطق، خلاصتها ان "فريق التحقيق المكلف بالقضية سيعلن خلال الأيام القليلة المقبلة النتائج النهائية حول الحادث"!
فعلا.. نحن شعب غير مسبوق، وهل هناك غيرنا من يصر وزير خارجيته على اصدار بيان يتضامن فيه مع نائبة حاول البعض التجاوز على اختراعها "العلمي" المسجل باسمها واعني به "الانبطاح".
لست ضليعا فى شؤون اللغة، كما كان المرحوم مصطفى جواد صاحب العبارة الشهيرة قل ولا تقل، لكني أعرف جيدا ان الضجة المفتعلة التي تثيرها الزعيمة الفتلاوي هذه الايام يراد منها التغطية على ملفات الفساد والقتل والنهب التي يجب ان تظل طي النسيان، او ان تتحول الى لجان تحقيقية لانعرف متى تعلن نتائجها، وأعرف كما يعرف الجميع أن وطنا مثل وطننا، لم يحتمل وجود هادي المهدي وعمار الشابندر ورعد الجبوري، وغيرهم من عشاق هذه البلاد، ووضع الفاشلين والسراق والانتهازيين والطائفيين فى صدارة المشهد السياسي.
قبل اشهر خرجت علينا رئيس حركة ارادة لتعطينا دروسا في الانبطاح وقالت بالحرف الواحد: "نرفض الانبطاح، أمثلة الانبطاح كثيرة، زملائي للأسف يعيشون الآن حالة من الانبطاح. انا أعطيت وعداً للناخبين ان لا اتحول الى انبطاحية.. الخطوات التي سار بها العبادي انبطاحية، انا اقول ان كل من شارك في سياسات الحكومة الاخيرة اتخذ منهجا انبطاحيا، كانت دولة القانون كتلة قوية لكنها اليوم تحولت الى كتلة منبطحة " يمكن للقراء الاعزاء ان يجدوا هذه الكلمات ومئات مثلها في احاديث تلفزيونية وصحفية اجرتها النائبة الفتلاوي خلال الاشهر الماضية، فما الذي تغير حتى نجد النائبة نفسها تشتم وتقاضي كل من يريد ان يفسر معنى كلمة "انبطاح".
يقول ميكافيللي ان السياسة مثل البشر متقلبة، ولهذا بنى صاحب كتاب الامير تعاليمه على ما خَبِره من تقلبات الساسة، رآهم يصفقون للعنف فصفّق، لم يجد أمامه سوى وصوليين، فكتب دروسا في الوصولية، ماذا تغير منذ 12 عاما إلى اليوم؟ لا شيء، فالكل يغرف من اناء الانتهازية والكذب والطائفية.
يا يابليغ ابو كلل، لقد قلبت علينا المواجع، ولعل أفضل عقاب لك أن نمنحك لقب "انبطاحي" هذا الموسم.
موسم الانبطاح
[post-views]
نشر في: 15 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
alialsaffar
اعتقد أن عليناأن نعرف الحي من الميت ؛ ففي قناعتي أن الحي هو من لديه ضمير مثل الماس له سلطان عليه فيقومه متى انبطح (احد معانيها الخضوع)بشكل يضر الاخرين ؛ واعني هو بوصلة الاستقامة, فالحي هو المستقيم الذي يكون وفيا للعهد والقيم أما الميت فهو الذي لا وفاءله
ياسين عبد الحافظ
احلى ما في المقال،انا(شغب غير مسبوق)، التمعن فى تاريخنا القريب والبعيد وربطه بجغرافية النهرين ود جة الحرارة الخمسينيه فى صيفه ولاسباب اخرى معلنة وخفية تبرر، لم وضعنا تحت البند السابع؟ ولماذا قال وزير الدفاع الاميركى(بيتس) السابق: سنبقى معكم الى مالانهايه،