اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الإمام الحسين (ع) في الشعر العربي المعاصر

الإمام الحسين (ع) في الشعر العربي المعاصر

نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 03:55 م

حيدر الجراح كيف رسم الحسين(ع) بفرشاته تلك اللوحة التي توجها بلون الدم القاني؟ وكيف استطاع أن يرسم على الرمال تلك الدروب التي تقود خطانا منذ القرن الأول للهجرة وحتى الوقت الحاضر وإلى سماع الصيحة؟ وكيف وظف الشعراء تلك اللوحة بخطوطها وانحناءاتها وألوانها في شعرهم منذ عام 61 هـ وحتى ديوان الشعر المعاصر.
وكيف برز الرمز الحسيني وما يتعلق به كربلاء... وطفاً، وعاشوراء من خلال قصائد الشعر ومدن الكلمات والجراح؟ منذ فاجعة كربلاء سجل الشعر حضوره، واستطاع الشعراء تسجيل مواقفهم بعداً أو قرباً من تلك الفاجعة.. وظهر لون جديد من الشعر عُرف بالمكتمات لعدم قدرة الشاعر على الجهر بهذا الصوت الشعري الجديد.. لقد عبر الشعراء (عن) رمز الفاجعة الأوحد ولم يعبروا (بهذا) الرمز فترى قصائدهم تسجيلاً لتلك الفاجعة بشخوصها وخيلها.. وتسمع من خلالها صليل السيوف ومطاعن الرماح.. وهذا اللون ساد فترات طويلة، وامتاز بمباشرته وتقديريته.. أي أن هذا الشعر كان تأريخاً وتسجيلاً لتلك الحادثة المأساوية.. لقد كان التراث والرموز التراثية في كل العصور بالنسبة للشاعر هو الينبوع الدائم للتفجير بأصل القيم وأنصعها وابقاها، والأرض الصلبة التي يقف عيها ليبني فوقها حاضره الشعري الجديد، والحصن الذي يلجأ إليه كلما عصفت به العواصف فيمنحه الأمن والسكينة.. في الشعر العربي المعاصر أصبح توظيف الشخصية التراثية يأخذ منحىً جديداً، وهو المنحى التعبيري الذي يحمل بعداً من أبعاد تجربة الشعر المعاصر.. بعبارة أخرى أن تلك الشخصية تصبح وسيلة تعبير وإيماء في يد الشاعر يعبر من خلالها ـ أو بها عن رؤياه المعاصرة.. وهذا التوظيف للشخصية التراثية هو آخر الوشائج في علاقة الشاعر المعاصر بموروثه.. واصبحت ظاهرة التوظيف هذه شائعة في شعرنا المعاصر وسمة بارزة فيه.. وكان التراث المستلهم هو هذه الأصوات التي سمعناها والتي استطاع الشاعر المعاصر من خلالها أن يعبر عن أفراحه واحزانه، وأن يبكي هزيمته أحرّ البكاء واصدقه وافجعه، وأن يتجاوز تلك الهزائم والفجائع في نفس الوقت بينما كان كل كيان الأمة ينوء منسحقاً تحت وطأتها الثقيلة وأن يستشرف النصر ويرهص به في أفق غامت فيه بيارق النصر.. إن حالات الرفض التي استحضرها شعراؤنا ليواجهوا بها حيرة هذا الزمان واشتداد الطغيان فيه هي اشراقات الوعي والشهادة في سبيل الحرية.. وإذا كانت هذه الرموز غائبة عن الرسمي من الكتب فإنها حاضرة في الوجداني من صدور الناس تمثل احتجاجهم على فشل الواقع في تحقيق زمن التنوير في نهضة يكون للفقراء والزنج والإمام الحسين وأبي ذر الغفاري فرصتها وعدالتها وقصائدها العظيمة.. ويمكن تصنيف الشخصيات التاريخية التي استخدمها الشاعر المعاصر إلى نوعين رئيسيين تمتّ كلها بصلة إلى طبيعة الظروف التي كانت تمر بها الأمة العربية في نصف القرن الأخير هي بحسب استحواذها على اهتمام الشعراء: أولا: أبطال الثورات والدعوات النبيلة الذين لم يقدر لثوراتهم أو دعواتهم أن تصل إلى غايتها فكان مصيرها ومصيرهم الهزيمة الظاهرية، ولم يكن سبب هذه الهزيمة نقصاً أو قصوراً في دعواتهم أو مبادئهم وانما كان سببها أن دعواتهم كانت اكثر مثالية ونبلاً من أن تتلاءم مع واقع ابتدأ الفساد يسري في أوصاله.. ثانيا: شخصيات الحكام والأمراء والقواد الذين يمثلون الوجه المظلم لتاريخنا سواء بسبب استبدادهم وطغيانهم، أم بسبب انحلالهم وفسادهم، وكذلك الشخصيات التي استغلها هؤلاء كأدوات للقضاء على الدعوات والقيم النبيلة في عصرهم. وإلى جانب هذين النوعين الرئيسيين ثمة شخصيات أخرى قد لا تندرج اندراجاً مباشراً تحت أي نوع من هذين النوعين، ولكنها تمت بصلة أو بأخرى إلى هذا النوع أو ذاك، وذلك مثل شخصيات الشهداء الذين انتصرت القيم والمبادئ التي استشهدوا من اجلها.. وسيكون النوع الأول هو محور هذا الموضوع.. وابرز من فتن شعراءنا من شخصيات النوع الأول شخصية الحسين(ع) ـ وتكاد تكون أكثر شخصيات الموروث التاريخي شيوعاً في عصرنا المعاصر ـ فقد رأى شعراؤنا في الحسين(ع) المثل الفذ لصاحب القضية النبيلة الذي يعرف سلفاً أن معركته مع قوى الباطل شهادته وشهادة أصحابه،ولكن ذلك لم يمنعه من أن يبذل دمه الطهور في سبيلها، موقناً أن هذا الدم هو الذي سيحقق لقضيته الانتصار والخلود، وأن في استشهاده انتصاراً له ولقضيته.. وبهذه الدلالة استدعى شعراؤنا شخصية الحسين ليعبروا من خلالها عن أن الهزيمة التي تلقاها الدعوات والقضايا النبيلة في هذا العصر، واستشهاد أبطالها المادي أو المعنوي ـ انما هو انتصار على المدى الطويل لهذه الدعوات والقضايا.. ويأخذ الحسين(ع) موقعاً متميزاً في مسيرة الشهادة من وجهتي النظر التاريخية والفنية، وتحضر كربلاء رمزاً للأسى والجراح والحزن والندم، وقد اخذ الرمز ببعديه التاريخي والشعبي حيزاً في جملة من القصائد، واصبح النداء باسمه إشارة رمزية للغضب والحزن والشهادة في أعلى أبعادها الدينية والشعبية معاً في سبيل الموقف، بل صار رمزاً لخذلان الثائر العظيم من مؤيديه.. وفي مأساة الحسين باعتبارها من المآسي الكبرى تقع ـ كما يقول جبرا إبراهيم جبرا ـ (أنواع شتى من مآسي الإنسان في جو القيظ والعطش والقسوة والقتل الجماعي وحز الرؤوس، هناك مأساة الجنون البشري، ومأسا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram