عزيزي القارئ : في سلسلة مقالات حول الصيف ومعاناته وامراضه، اخترنا لك البدء بالوقاية من حر الصيف والتأقلم على درجات الحرارة العالية، متمنين لك الصحة والسلامة وتمام العافية.
يتعرض العراق إلى موجات حر شديدة في كل صيف قد تمتد لاسابيع حيث
عزيزي القارئ : في سلسلة مقالات حول الصيف ومعاناته وامراضه، اخترنا لك البدء بالوقاية من حر الصيف والتأقلم على درجات الحرارة العالية، متمنين لك الصحة والسلامة وتمام العافية.
يتعرض العراق إلى موجات حر شديدة في كل صيف قد تمتد لاسابيع حيث ترتفع درجات الحرارة لتصل إلى أعلى من 50 مْ. ولاسيما بعد شتاء خجول وشحة امطار لذا نتوقع ان نستقبل رمضان في صيف حار وشديد الوطأة مع طاقة كهربائية شحيحة لا تكفي لتبريد بيوتنا، ما يضطر الحكومة الى أن تمنح اجازة لموظفيها وتجني منها فوائد كثيرة اهمها تخفيف وطأة المشكلات الصحية بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي يعاني منها العراق. وسنتطرق في هذه المقالات إلى تأثير حرارة الجو على الانسان والاصابات والامراض التي يصاب بها الانسان وتتراوح بين الاصابة البسيطة إلى ضربة الشمس المميتة ، والصيف ورمضان وتوضيح مفاهيم شعبية خاطئة مثل "التيفو" ودرجاته ومعاودته بسبب قلة الثقافة الصحية لدى المجتمع التي تزيد إلى الامراض معاناة جديدة.
يمكن التنبؤ وتحديد بعض الفئات من الذين قد يصابون بامراض الجو الحار وتحذيرهم من خطر الاصابة واتخاذ الاجراءات الوقائية الضرورية. هناك اعمال تتطلب اعمالا يدوية شاقة في الصيف حيث تكثر عند العاملين فيها اصابات الصيف والجو الحار. وفي العراق لازالت فئة كبيرة من العمال يعملون في معامل طابوق بدائية وادوات تشبه صناعة الطابوق عند السومريين. والعمال اطفال ومراهقون من كلا الجنسين من الطبقات المسحوقة الفقيرة والمعدمة وبأجور زهيدة وتزداد اجورهم بكثرة ساعات اشتغالهم تحت اشعة الشمس المحرقة وحرارة معامل الطابوق اللاهبة. حيث يعملون في العراء ويجلبون التراب ويصنعونه على شكل قوالب ثم تُقسم هذه القوالب إلى اشكال الطابوق وينقلونه بعربات تجرها الحمير إلى خانات معامل الطابوق الضخمة ثم يقومون بشي الطابوق بدرجات حرارة عالية جداً ويستخدمون النفط الاسود ، ما يزيد من مأساتهم الصحية. وبعد نضج الطابوق يدخلون إلى الخانات اللاهبة ليحملوا الطابوق الحار جداً بايديهم واجسادهم العارية إلى بالسيارات، ولا يتمكن الانسان العادي ان يدخل هذه الخانات : إنها جهنم الحمراء ، وفي جهنم هذه يترعرع هؤلاء الاطفال ويشيبون فيها. وعند حصولهم على اسبوعياتهم الضئيلة يتمكنون من الذهاب إلى المضمد القريب لهم بمعاناة مختلفة مثل الصداع والنحول والتعب وآلام العضلات والتشنج العضلي. وتبدأ تشخيصات غريبة عجيبة مثل "عندك تيفو أو مصفّر الضغط مالك أو ينرادلك ... فيتامينات مقويات....." ويزرقون غالباً ابر خلط "الفولتارين والدكساميثازون" وحينما تتكرر معاناتهم يرسلون إلى المختبرات تظهر تشخيصات أخرى مثل "ازداد التيفو وصل 320 أو لا هسه قل التيفو صار 160 شفت" ويعطى ابر قوية (كلافوران أو سيفاتريكسون)، مو كتلك ترى هاي الابر كلافوران مفيدة او عندك زيادة بالدم ينرادلك حجامة ويسحب دم منه ويستمر هذا السيناريو إلى أن يفقد الاجر الضئيل الذي يحصل عليه المريض. وتزداد معاناتهم بسبب الثالوث المرعب "الفقر والجهل والمرض" وتعد هذه العوامل عوامل مساعدة لحرارة الشمس وحرارة معامل الطابوق.
ويمكن القول أن جميع هذه الاعراض تشير إلى علامات أولية للاصابة بالانهاك الحراري حيث يفقد الانسان السوائل والملح عن طريق التعرق الغزير ثم يعوض الشخص الفقدان بالماء من دون الاملاح لذلك يعاني من آلام العضلات والصداع والدوخة من دون ارتفاع درجة حرارة الجسم. ويحتاج المريض إلى الراحة وتجنب الجو الحار وتعويض السوائل والاملاح فقط من دون هذه التشخيصات اللئيمة التي ليس لها اساس علمي.