على الحواجز الكونكريتية القريبة من السيطرات المنتشرة في بغداد ، يجد المارة اعلانات عن مفقودين مع ارقام هواتف لغرض الاتصال بها في حال العثور على المفقود او التوصل الى معلومات يمكن ان تسهل العثور عليه ، هذا النوع من الاعلانات كان معروفا قبل عشرات السنين ، يلجأ اليه من فقد شخصا مختل العقل او طفلا صغيرا ، مع ذكر أوصافه في الاعلان ، عمره ، لباسه ، علامته الفارقة ، من يعثر عليه يسلمه الى اقرب مركز للشرطة ، وله الاجر والثواب ، في بعض الاحيان يتضمن الاعلان تقديم مكافأة مالية لمن يعثر على المفقود ويسلمه الى ذويه ، فيكون البحث عنه بعدة وسائل بنشر اعلانات بالصحف اليومية ، والاستعانة باشخاص يجوبون الطرقات والازقة ، يستخدمون اصواتهم العالية لبيان اوصاف المفقود مع ذكر المكافأة المالية لسعيد الحظ لمن يدلي بمعلومات عن المفقود سواء كان طفلا او شخصا مختل العقل .
أهل الرحم في ذلك الوقت يتعاطفون مع اسرة المفقود ، فتتضافر كل الجهود في سبيل العثور عليه ، أما الجهات الرسمية ممثلة بشرطة النجدة ، فتأخذ على عاتقها هي الاخرى جانبا من عملية البحث ، فيما تكلف الاسرة احد ابنائها بمراجعة المستشفيات ، لعل المفقود يكون في ردهة الطوارئ نتيجة تعرضه لحادث دهس ، عملية البحث لاتستمر اكثر من اربع وعشرين ساعة ثم تتوصل الاسرة الى معرفة مصير مفقودها فيعود الى داره بزفة يشارك فيها اهالي الحي .
بعد حادث تفجير سيارة مفخخة في احد الاحياء البغدادية الاسبوع الماضي لفت انتباه الاهالي وجود اعلان غريب فريد من نوعه ( من يعثر على ساق اصطناعية يسلمها الى علوان صاحب البسطية مقابل محل الحلاق فاخر ) علوان تجاوز الخمسين من عمره يبيع السجائر على الرصيف ، يستخدم الكرسي المتحرك في تنقله ، فقد ساقه اليسرى في حادث انفجار عبوة ناسفة في منطقة اليوسفية ، في عام 2007 عندما كان يعمل بدائرة الكهرباء بأجور يومية ، اسرته تسكن في عشوائية باطراف العاصمة ، فشل في الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية يحتفظ بملف ضخم مستنسخ لمعاملة الحصول على تعويض مالي بوصفه من المتضررين من الاعمال الارهابية ، راجع اللجنة العليا لتعويض المتضررين ، قدم لها جميع الوثائق المطلوبة ، التقرير الطبي ، ومحضر تسجيل الحادث بمركز الشرطة ، مع وثائق اخرى هوية الاحوال المدنية ، وشهادة الجنسية ، ولانه يسكن في عشوائية لم يحصل على بطاقة السكن ، الوثيقة المقدسة المعتمدة في كل دوائر الدولة لترويج معاملات المراجعين ، علوان وصل الى مرحلة اليأس ، لم يخطر في باله الحصول على راتب شهري كغيره من العراقيين القابعين تحت خط الفقر في بلد نفطي ، الفصل قبل الاخير من مأساته لخصه بمخاطبة اهل الرحم لمساعدته في الحصول على ساقه الصناعية التي فقدها اثناء حادث الانفجار ، وهو يستطيع الاستغناء عنها في رحلة مراجعة مقر لجنة تعويض ضحايا الارهاب ، لأن كرسيه المتحرك يتركه خارج غرفة الاستعلامات ويخضع لرقابة مشددة .
ساق علوان الصناعية
نشر في: 16 مايو, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
ائتلاف السوداني ينسف روايات حسم اسم رئيس الحكومة: ما زلنا في «انسداد» و«مراوحة»
الأسواق العراقية تحت سيطرة الواردات الاستيراد الكبير يخنق الصناعة المحلية ويهدد الأمن الغذائي!
تناقص أعداد الصابئة المندائيين في العراق.. مخاوف الاندثار وصراع الحفاظ على الهوية
مساعي حصر السلاح في العراق.. جدل القبول والرفض
مسؤولون في نينوى يشخصون تحديات المرأة.. ودعوات لمعالجة البطالة والزواج المبكر والابتزاز
الأكثر قراءة
الرأي

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!
د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...









