اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مخرج العبادي

مخرج العبادي

نشر في: 16 مايو, 2015: 09:01 م

ليس لرئيس وزرائنا، حيدر العبادي، نظير أو شبيه أو مثيل بين أنداده من رؤساء الحكومات في القارات الخمس وأوقيانوسيا. لا أعني بهذا من حيث الهيئة العامة أو الشكل أو من حيث المؤهل العلمي أو الخبرة السياسية والإدارية إنما شيء آخر يتفرّد فيه السيد العبادي عن حق.
في النظام الديمقراطي يتولى رئيس الحكومة منصبه بعد فوز الحزب الذي يتزعمه في الانتخابات التشريعية بأغلبية مقاعد البرلمان، وإذا لم يتحقق له ذلك يكون لزاماً عليه أن يسعى لتشكيل أوسع ائتلاف برلماني وحكومي. وفي الحالين فان رئيس الحكومة سيحظى بأقوى دعم من حزبه أو من ائتلافه عبر نواب الأغلبية في البرلمان. وفي هذا بالذات لا يشبه السيد العبادي أي رئيس حكومة آخر في الدول الديمقراطية التي يزيد عددها عن المئة بين الدول التي تتشكل منها الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة.
لم يفز حزب السيد العبادي (الدعوة الإسلامية) بأكبر عدد من مقاعد مجلس النواب، بل ان تمثيل الحزب ضئيل للغاية (16 مقعداً) لكنّ كتلة دولة القانون التي ينضوي الحزب في إطارها تقدّمت الكتل الأخرى من دون أن تحصل حتى على الأكثرية البسيطة التي تؤهلها للانفراد بتشكيل الحكومة، فقد أحرزت 93 مقعداً فقط من 328، ما اضطرها الى تأليف كتلة برلمانية أكبر هي "التحالف الوطني" (177 مقعداً) الذي لم يكن بإمكانه هو أيضاً تشكيل حكومة بمفرده بسبب انه ائتلاف طائفي خالص (شيعي)، وتشكيل حكومة منه كان سيعني إدخال البلاد في حرب أهلية طاحنة وتمزيقها في النهاية. الخيار الوحيد الذي كان متاحاً للعبادي، كما لسلفه نوري المالكي في ولايتيه الاثنتين، تشكيل حكومة توافق وطني من ممثلي كل الأحزاب والكتل الفائزة في الانتخابات، وهو ما كان.
المفروض أن توفّر هذه التشكيلة وضعاً مريحاً للسيد العبادي، وهذا بالضبط ما كان يحتاجه هو وحكومته لمواجهة التركة قاصمة الظهر التي ورثها من حكومة السيد المالكي الثانية: الاحتلال الداعشي لثلث مساحة البلاد، والموازنة الخاوية، والفساد الإداري والمالي المتفشي في كل مفاصل الدولة وزواياها، فضلاً عن انهيار أسعار النفط، وعدم وجود مصدر بديل للدخل الوطني، وغير ذلك كثير جداً. لكنّ العبادي وحكومته بدل أن يتوفر لهما الوضع المريح لمواجهة هذه التحديات الضخمة، واجههما منذ أيامهما الأولى عمل مشاغب منظّم من العيار الثقيل، سياسي ودعائي، والهدف إفشال مهمة الحكومة الجديدة في معالجة الأوضاع الصعبة والمعقدة.. والمفارقة ان تلك المشاغبة متأتية بالدرجة الأولى من أطراف نافذة في حزبه وفي كتلته (دولة القانون)، فيما تحالفه الأكبر (التحالف الوطني) لم يعوّضه بإسناد وطيد.
رأس العبادي مطلوب.. هذا ما يدركه هو وكل نظّارة المشهد السياسي المأساوي الجاري الآن، وليس أمامه إلا العمل للتطويح بالسيف المسلط على رقبته .. أهمّ ما يتعيّن عليه أن يفعله، بالتعاون مع القوى التي يفترض أن تقف إلى جانبه، تشريع قانون جديد يحظر على الرؤساء الثلاثة (للجمهورية والبرلمان والحكومة) تولي مناصبهم أكثر من دورتين اثنتين سواء كانتا متصلتين أو متفرقتين.
لا أرى مخرجاً غير هذا، وأظن انه يحظى في الوقت الراهن بتأييد الأغلبية في البرلمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. hameed

    قيل قديما لا يصلح العطار ماافسده الدهر وانا اقول لايصلح العبادي ماافسده المالكي .

  2. قالح ياسين الربيعي

    كل الاحداث تشيرالى ان العبادي يعاني من معادات اقرب الناس اليه وهو الاشد وقعاً اضافة الى اعداء العراق المعروفين وليس امامه غير التوجه الى القوى التي همها استقرار العراق ولا طريق غير ذلك فعلا .

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram