الحمد لله أن انتهت الأزمة "اللغوية" بفتح اللام، حول مصطلح الانبطاح، ووقى الله الناس شر حرب "عشائرية" في مرحلة عصيبة نواجه فيها إرهاب المفسدين والانتهازيين وإرهاب السذاجة السياسية في وقت واحد.
في كتابه الطريف "دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ" يكتب أريك دورتشميد: "هناك ثلاث مراحل للسذاجة السياسية، أولها حين يطلقها شخص غبي، والثانية حين يصدقها إنسان ساذج، والثالثة حين ينقلها ارعن، و الناس البسطاء غالبا ما تصدق سذاجة السياسيين، فهي تميل إلى تجريب كل ما هو غريب، مهما بدت هذه السذاجات غير معقولة، أو بعيدة عن التصديق"، ويضيف المؤلف: "وقد شهدنا كيف بدأت الحروب بالسذاجات قبل المدافع".
من الواضح أن كلاً من رؤساء وأمراء وملوك البلدان العراقية، يتعاملون مع الحالة العراقية بدرجة عالية من السذاجة، وإلا ما معنى هذا السيل المتناقض من التصريحات التي تقال هنا وهناك، تجعل الحقيقة تضيع عن الناس مثلما ضاعت دماء الضحايا الأبرياء، فيما الإرهابيون يسخرون منا ومن قادتنا الأمنيين الذين ما يزالون عبيد نظرية "كل شيء تحت السيطرة"؟!
يقول دريد لحام في مسلسله الكوميدي "سنعود بعد قليل" لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وانا ارى حالة التبلد التي أصابت سياسيينا خلال الأشهر الماضية، لم يعد مهما كم عدد الضحايا، ولا حجم الخراب الذي اصبح مؤخرا موضوعا يمكن أن يناقش في البرلمان، حيث استنهض النواب بالامس كل قواهم ليقرروا مناقشة التدهور الامني، ولكن ليس اليوم.. وانما غدا او بعد غد.. فماذا يعني ان يزداد عدد الضحايا، ما دام البرلمان – مشكورا – قرر أن يسأل: ما الامر؟ دمرت الموصل، وهجرت معظم اقضية الرمادي، وتحولت التفجيرات الى طقس يومي يعيشه العراقيون، ومع هذا الامر لايحتاج الى عجالة، ما دام هناك فاصل من الراحة لنوابنا الاعزاء يعودون بعده اكثر حيوية ونشاطا في مناقشة أحقية النائب بالراتب التقاعدي ومخصصات السكن والمصفحة التي تحافظ على حياته التي هي ثروة لايجوز التفريط بها.
يريد ان يقول لنا مجلس النواب، أن ذبح الناس كل مساء ليس مهما جدا، وأن الجريمة فقط في عدم الاتفاق على توزيع المناصب في الهيئات المستقلة، فالمسألة هنا ليست عدد الضحايا التي يتسبب بها الجهل والاهمال الامني، بل في تشكيل المحكمة الاتحادية التي يراد لها ان تصبح مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام عند الجارة طهران.
بدأت المسألة بخبر عاجل، ثم شريط سبتايتل، ثم مزيد من نشرات الاخبار كلها تشرح مواطن الخراب، كنا بلداً بلا فضائيات وصرنا شعبا يبحث عن ابنائه في عواجل الاخبار، بلاد لا مواطنين فيها، بل طوائف وقبائل، نسينا أنه كان هناك كلمة عراق وتعني الجميع بلا تمييز قبلي او طائفي.
خبر عاجل
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
علي الخياط
أخي العزيز: ألأساس في التغير 2003 كان خطأ مقصودفي الخارطة العراقيةويبقى معك طول العمر أسأل اي مهندس بناءأو أسطةعماله لا يعرف القرائه والكتابه ولانظرية الأحتمالات
ياسين عبد الحافظ
للتاريخ،كانت الحالة اكثر بؤسا فى زمن صدام، لكن يبدو، والاكيد ان الجماعة كانوا يسمعون ولم يعيشوا الحالة...