TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غياب كتّاب المسرحية العراقية عن الساحة الفنية

غياب كتّاب المسرحية العراقية عن الساحة الفنية

نشر في: 18 مايو, 2015: 09:01 م

قبل ايام نشر الكاتب المسرحي والمخرج والممثل (طه سالم) مجموعة من مسرحياته في مجلد واحد مع تعليقات نقدية. وضم المجلد نصوص المسرحيات (فوانيس) و(طنطل) و(الكورة) و(ورد جهنمي) و(تراب) و(نجمة ام ذويل) و(قرندل) و(الجدار) و(ما معقولة) و(عصافير الشوك) و((مدينة تحت الجذر التكعيبي) و(طوب ابو خزامة) .
وتم اخراج معظم تلك المسرحيات من قبل مخرجين عراقيين بارزين في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي. امثال ابراهيم جلال ومحسن العزاوي وسامي عبد الحميد وخالد سعيد. ومرت عقود تالية ولم يشهد المسرح العراقي إحياءً للبعض من تلك المسرحيات رغم كونها تعكس في موضوعاتها مشاكل مازال الشعب العراقي يعاني منها. فلم يلتفت احد من المخرجين الجدد الى ذلك النتاج الادبي المسرحي الطليعي اما لانهم لم يطلعوا عليه او لانهم لايدركون اهمية احياء التراث المسرحي او تناوله برؤى جديدة.
تكاد بعض مسرحيات طه سالم، فكريا وفنياً، تقرب لك اعمال مشاهير كتاب المسرحية في العالم امثال (ساموئيل بيكيت) و(يوجين اونيل) و(ارثر ميللر) و(تنسي وليامز). فمسرحية مثل (فوانيس) تقترب من مسرحية بيرانديللو (ست شخصيات تبحث عن مؤلف)، ومسرحية (طنطل) ومسرحية (ما معقولة) تقترب من مسرحيات اللامعقول. وقد اشاد النقاد بتلك المسرحيات لكونها تمثل تقدماً في مجال التأليف المسرحي في العراق.
وسنتعرض بايجاز الى عدد من الكتابات النقدية والتعليقات حول مسرح طه سالم.
يقول الناقد (مؤيد البصام) :"تم تقديم مسرحية فوانيس على المسرح القومي القديم في الكرادة. ونجحت نجاحا باهراً، ثم قدمت على مسارح دولة الكويت وتوالت اعمال طه سالم الطليعية ، وقدمت مسرحياته اللواتي اخرجهن افضل مخرجي العراق.." وقال الناقد (يوسف عبد المسيح ثروت): "ان طه سالم يستخدم الرموز كثيراً للتعبير عن معطيات مسرحه فان ظاهرة مسرحه تتميز بنوع خاص من ظواهر مسرح اللامعقول اذ انه يشدد على عناصر فنطازية غير واضحة المعالم".
ويستطرد قائلاً: "فالجفاف الانساني الموجود فيها – مسرحية طنطل – والضياع المخيم عليها وسوداوية الوجود الانساني فيها وبمبدئية المطامح البشرية كلها تتماثل تماثلاً يكاد يكون تاماً مع معطيات مسرح اللامعقول". وكتب المنّظر (عقيل مهدي) يقول: "تنعكس على سلوكيات ابطاله: التجريد والنمطية، والكاريكاتيرية، وتفكك الحوارات ولكنها في الحالات جميعاً تفتك بالسحر والشعوذة رصدت العقلية النقدية في نصوص طه سالم ابعادا شمولية".
وكتب الكاتب المسرحي يوسف العاني يقول: "انني امام مسرحية ومسرحي يأخذان درباً جديداً في سياق مسرحنا العراقي.. وان الجديد فيها انها تخالف المألوف الشائع انذاك". وعلق الناقد (حميد رشيد) على عرض مسرحية (طنطل) قائلاً: "شهدته في يومه الاخير على المسرح، رجلاً بغدادياً اسمه – طلبة.. وعندما خرجت من المسرح شعرت بان طلبة ليس وحيداً. كان معنا في مقاعد المتفرجين، وكان في داخل كل منا انا ايضا طلبة مثله والاخرون الذين شاهدوه وفهموه خرجوا وكلهم طلبة.. ذلك انه ليس رجلاً من بغداد فحسب بل رجل من العالم انه في الواقع هبة بغداد للعالم."
اخرجت لطه سالم مسرحيتين الاولى هي (قرندل) للفرقة القومية للتمثيل حيث عبر فيها المؤلف عن استلاب الانسان لحقه في مجتمع يتحكم فيه رأس المال ويحول العامل الى مجرد آلة تنتج ولا تحظى من انتاجها سوى بالمردود الضئيل جداً. والثانية هي مسرحية (ما معقولة) لطلبة اكاديمية الفنون الجميلة ويصور فيها (طه سالم) كيف يتحول الموظفون في بلد تطغى فيه الواجبات على الحقوق، الى مجرد ارقام تتحرك بآلية وقد استلبت انسانيتهم وضاعت حقوقهم، وجاء عنوان المسرحية مطابقاً لمضمونها.
وهنا ادعو مخرجي المسرحيات الجدد ان يقرأوا مسرحيات طه سالم ويخرجوها برؤاهم الجديدة احتراماً للتراث المسرحي العراقي واعتزازاً بأحد مؤلفيه البارزين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram