مرّت الأسبوع الماضي الذكرى الأربعون لسقوط سايغون ونهاية حرب فيتنام. وقد احتفت محطة "سي.بي.تي.في" بهذا الحدث بعرض برامج خاصة بالمناسبة بضمنها فيلم "الأيام الأخيرة في فيتنام: التجربة الأميركية" للمخرجة روري كنـَدي الذي ترشح إلى جوائز الأوسك
مرّت الأسبوع الماضي الذكرى الأربعون لسقوط سايغون ونهاية حرب فيتنام. وقد احتفت محطة "سي.بي.تي.في" بهذا الحدث بعرض برامج خاصة بالمناسبة بضمنها فيلم "الأيام الأخيرة في فيتنام: التجربة الأميركية" للمخرجة روري كنـَدي الذي ترشح إلى جوائز الأوسكار 2014 في فئة الأفلام الوثائقية.
كندي هي ابنة أخ الرئيس الأميركي جون ف. كندي الذي اغتيل، وابنة الوكيل العام الأميركي والمرشح الرئاسي روبرت كندي الذي اغتيل أيضاً، إذ تتعقب آخر يومين في الحرب بينما كانت الولايات المتحدة تحاول أن تخرج دبلوماسييها وجيشها إضافة إلى القوات المتحالفة المعرضة للخطر في فيتنام الجنوبية بينما كانت سايغون تؤول إلى السقوط.
تجري حكاية الفيلم الوثائقي من خلال المقابلات مع أولئك الذين تورطوا في الجلاء المحفوف بالخطر بضمنهم حينئذ وزير الخارجية هنري كيسنجر إضافة إلى طالب من فيتنام الجنوبية كان من بين أولئك الذين كانوا ينتظرون نقلهم بالطائرة خارج البلد.
وفي هذه المقابلة تأمل روري كندي أن يلقي الفيلم الضوء على تلك اللحظة التاريخية.
ما الذي جذبك ِ إلى موضوع الأيام الأخيرة في حرب فيتنام وما الذي وجدته مؤثراً؟
حفزني على صنع الفيلم مشاهدة برنامج "تجربة أميركية" في "البي بي أس". كان رد فعلي الأولي: بعد أن قـُدِّم الكثير جداً عن فيتنام، فهل بوسعي أن أقدم جديداً في هذا المجال؟ حين قفزت إلى تاريخ الحرب وماذا حدث في السفارة وجنود المارينز الذي تركوا والقصة حول السفير والتصرفات الاستثنائية التي تنم عن الشجاعة التي لم نكشف عنها شعرت بالدهشة. كان الحدث من الأهمية والعمق إذا ما قارناه بما يحدث اليوم فإنّ له معنى حقيقياً. آمل أن نفهمه ونروي القصة التي تستحق أن تروى.
ما كان قصدك حين طورت هذا الفيلم الوثائقي؟ هل كان تعبيراً سياسياً أم طريقة لتعليم الناس أم مجرد تسلية تاريخية؟
كنت أريد من خلاله تعليم الناس والتوثيق التاريخي لما حدث في ذلكما اليومين. لكني رغبتُ أن أروي القصة دون راوٍ أو مؤرخين. لدى الناس مشاعر قوية حول ما حدث. أردت أن تأتي القصة من الناس الذين عاشوا التجربة مباشرة كالطيارين والناس في السفارة والفيتناميين الذين تركوا هناك وأولئك الناس الذين كانوا بالفعل على خطوط الجبهة في تلك الأيام. إنها تدعى "الأيام الأخيرة" لأنها كثيرة جداً من المنظور الأميركي لكن لب القصة من المنظور الفيتنامي. ذلك جعلني سعيدة جداً حين يتخلى الناس عن المسرح ويعقدون رابطة لما يحدث في العراق وأفغانستان. وأنا أحب أن يراه الشباب، أولئك الذين لا يعرفون الكثير جداً عن حرب فيتنام.
أرى القليل من السياسة تنز لكن على نطاق شخصي، كتب الكثير جداً حول عامل "ماذا لو" حين تؤخذ الحرب في الاعتبار. "ماذا لو" أن عمك لم يقتل أو "ماذا لو" أنّ أباك لم ينتخب رئيساً. هل تكون النهاية مختلفة؟
لن نعرف أبداً لكن حسّي، بعد البحث وقراءة الكتب حول عمّي جاك بضمنها كتابات "آرثر شليسنجر"، هو أنّ عمي لم يكن راغباً بمتابعة حرب في فيتنام. وبالرجوع إلى عام 1968 أشعر بقوة بأن أبي انخرط في سباق رئاسي ليخرجنا من فيتنام. اعتقد أنه لو عاش وانتخب لكنا خارج الحرب حالاً. كان لديه حسّ بالمسؤولية تجاه الناس.
أعلم أنكِ صانعة فيلم محنكة لكن لا بدّ من أنكِ واجهتِ جهدا كبيراً لكي تعثري على الشهود في تلك الأيام. كيف أقنعتِ الناس الذين كانوا هناك للتحدث إليك؟
لا أعرف كيف أجيب. لقد عملت في الأفلام الوثائقية لمدة 25 سنة. روينا قصة محددة بطريقة جدّ محددة وأغلب الناس الذين اقتربنا منهم استثمرناهم في القصة. عليهم أن يثقوا بأننا قادمون على روايتها بالطريقة التي كانوا يروونها لنا جوهرياً. في الماضي لم تجر معاملتهم بشكل جيد في أوساط الأخبار أو بقية الأفلام الوثائقية. عرفوا كم كانت القصة درامية وأنها قصتهم فأرادوا أن يشاركوا بها. لكن السؤال الأخير: كان هل كانوا يثقون بي؟ لقد فعلوا. الشخص الوحيد الذي كان أكثر قناعة هو هنري كيسنجر الذي دعانا للعودة في أحد الأيام وقال أنه من الممكن أن يمنحنا 20 دقيقة معه. هرعنا للقائه. كان لديه تذكر استثنائي لتلك الأيام، من كان هناك وأية معلومات اشتغلوا عليها والسبب في اتخاذهم القرارات. وانتهى إلى أن بقي معنا ساعة كاملة.
أعلم أن الفيلم الوثائقي قد تم عرضه سابقاُ ، كيف كان رد الفعل حين شاهده الجمهور الفيتنامي ؟
كان في غاية التواضع والإدهاش. قدمنا العديد من العروض وتعاونا في الجهود مع البي بي أس و"الأمريكان أكسبرينس". في إحد العروض، مدينة أورانج كاونتي بولاية كاليفورنيا التي تضم تجمعات كبيرة من الفيتناميين، كانت ردود الفعل عميقة جداً. أكره التعميم لكن حدث الأمر عدة مرات. الشباب الفيتنامي سوف يشاهده ويقول:" ليس لدي فكرة عما كان يكابده أمي وأبي" وما يتحملانه للقدوم إلى هذا البلد. ذلك الجيل الفيتنامي الأقدم انتقل إلى هنا ولا يريدون أن يتحدثوا عن الماضي. قدموا إلى هنا بالقمصان فقط على ظهورهم. بالنسبة للعديد، الذين شاهدوا الفيلم الوثائقي، كانت المرة الأولى التي سمحوا لأنفسهم أن يعيدوا زيارة تلك الأيام. خسرنا حرباً لكنهم خسروا بلداً. بالنسبة للعديد منهم يشعرون أن في هذا الفيلم كانت المرة الأولى التي تعترف الولايات المتحدة رسمياً بما حدث. كان الفيلم مرشحاً للأوسكار واعتقد أن رد الفعل النقدي هذا له معنى. اعتقد أن الفيلم يرسل رسالة بأننا نعترف بتخلينا عنكم.
يبدو هذا أمراً ساحقاً عاطفياً. هل بكيت حين جرى الكشف عن المشروع؟
بكيت لكني فيّ شيء قليل من الطفولة.. وما أزال مليئة بالدموع. في هذه الحالة كانت هناك القلة من الأفكار الجيدة المتاحة لحكومة الولايات المتحدة. اعتقد أن الدرس يكمن في أننا حين ندخل حرباً علينا أن نمتلك ستراتيجية للخروج منها. وفي حالة فيتنام اعتقد أن فكرة الناس في مختلف الأمكنة يحاولون بشكل متزامن أن يفعلوا الشيء الصحيح. إنها مسألة إتباع القلب وفعل الشيء الصحيح الذي هو فكرة بسيطة. كان الأمر بالنسبة للبعض تلمس الغفران بدلاً من طلب الرخصة.
كيف يقاس هذا المشروع بالنسبة لمشاريعك الأخرى وما جديدك؟
لا أستطيع أن أقول أنه فيلمي المفضل، إذ كان هناك فيلم "أتيل" حول أمي. لكنه ارتقى إلى القمة. أشعر كأنّ هناك مكاناً خاصاً في قلبي لفيلم حول أمي وفيلمي الأول "فجوة أميركية". لديّ أفكار قليلة أطورها لكني غير متأكدة من العمل القادم.