TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مشعلو النار عند أعشاش الدبابير

مشعلو النار عند أعشاش الدبابير

نشر في: 20 مايو, 2015: 06:01 م

البعض يريد للرمادي أن تكون سبباً فيما هي في الواقع نتيجة. هذا البعض لم يترك عشّاً للدبابير إلا وسعى إلى إشعال النار بالقرب منه منذ سقوط مدينة الرمادي في قبضة تنظيم داعش، فثمة هدف كبير لهذا البعض يتمثل في إسقاط حكومة العبادي تمهيداً لإعادة عقارب الساعة الى الوراء.
بالتأكيد ثمة خطأ أو جملة أخطاء تتعلق بالتكتيك العسكري والأمني أدت الى فشل القوات المسلحة في رد هجوم داعش أو وقفه عند مشارف الرمادي، المدينة التي كانت منذ أحد عشر شهراً بل أكثر، في حكم الساقطة في أيدي داعش، بيد ان هذا الخطأ أو جملة الأخطاء كانت هي، كما احتلال داعش للرمادي، نتيجة لما وقع في العاشر من حزيران 2014 وما تلاه من أيام قليلة.
سقوط الرمادي يستحق المساءلة والمحاسبة.. هذا صحيح، لكن مع هذا، بل قبله، ثمة استحقاق أكبر وأهم يتعلق بالمساءلة والمحاسبة عما حدث في الموصل وتكريت وسائر مناطق محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى وكركوك واربيل.. كيف حصل ما حصل؟ ولماذا حصل ما حصل؟ ومن المسؤول عمّا حصل؟
العبادي قدّم استقالته الى السيد علي السيستاني!!
العبادي قرر إقالة وزيري الدفاع والداخلية وتعيين بديلين لهما!!
القوات المسلحة فرّت من الرمادي وتركت أسلحتها لداعش!!
هذه بعض العناوين التي يعمل عليها مشعلو النار بالقرب من أعشاش الدبابير.. غير مهم بالنسبة لهم أن تتحطم، مع هذه العناوين وغيرها، معنويات المقاتلين على جبهات المواجهة مع التنظيم الإرهابي، وغير مهم أن يدبّ الذعر في الخطوط الخلفية بين المواطنين، وغير مهم أن أعداداً جديدة من العراقيين بعشرات الآلاف انضمت الى المليونين الذين يكابدون محنة النزوح منذ سقوط الموصل، وغير مهم ان جذور سقوط الرمادي تمتد الى سقوط الموصل وتكريت والفلوجة وسواها في عهد الحكومة السابقة، وغير مهم ان العاصمة بغداد صارت بعد احتلال الرمادي أكثر عرضة للخطر الإرهابي الداهم، فالغاية تبرّر الوسيلة، وغاية مشعلي النار عند أعشاش الدبابير هي رأس العبادي، كما كتبتُ في مناسبة سابقة غير بعيدة.
لستُ ممن يضجّون ويزايدون بالدعوة الى تحرير الرمادي اليوم قبل الغد .. هذه دعوة إما تنطلق من جهل أو يكمن خلفها مطمح بتوريط العبادي في فشل قاتل لتحقيق المطلوب: رأسه... الحرب مع داعش طويلة، والحرب، كل حرب، يتطلب تحقيق النصر فيها الإعداد الجيد لها، والتجهيز الجيد للقوات التي ستخوضها، والاختيار الجيد لساعة الصفر فيها، ومع هذا كله جبهة داخلية متماسكة.
هذا هو بالضبط ما تتطلبه حربنا مع داعش.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو مينا

    ما دمنا جميعا نعلم الآن ان الحرب التي تلتهم شباب العراق هي حرب دينية بإمتياز لا رابح فيها الا الموت و الخراب و التدهور الاقتصادي و الثقافي و المعرفي و ستلد عما قريب جيلا متطرفا اشد و انكى من الجيل الذي بدأ الحرب. اقول ما دام الجميع يعلم هذا .. الم يأن ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram