اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المثقفون... من مقاهي شارع الرشيد إلى مقاهي الرصيف!

المثقفون... من مقاهي شارع الرشيد إلى مقاهي الرصيف!

نشر في: 23 مايو, 2015: 12:01 ص

بغداد تتنفس، نعم تتنفس الحياة بالرغم من سحابة الموت المخيمة فوقها، التي تمطرها بين فينة واخرى بسيارات ملغمة وعبوات ناسفة، تترك دماء الابرياء شواهد على ارصفتها، التي تتزاحم عليها طاولات المطاعم والمقاهي ومحال المثلجات معلنة عن ولادة حياة جديدة لعاصمة

بغداد تتنفس، نعم تتنفس الحياة بالرغم من سحابة الموت المخيمة فوقها، التي تمطرها بين فينة واخرى بسيارات ملغمة وعبوات ناسفة، تترك دماء الابرياء شواهد على ارصفتها، التي تتزاحم عليها طاولات المطاعم والمقاهي ومحال المثلجات معلنة عن ولادة حياة جديدة لعاصمة يدور حولها الموت وهذه المرة بولادة مقاهي الرصيف. 

لم يكن المقهى بعيدا عن فضاء الثقافة ونقاشات المثقفين العراقيين، كما ولا يزال البعض من المقاهي التي شهدت ولادة حركات فنية وادبية وفكرية تواصل حياتها. باختفاء وفناء مقاهٍ اخرى، كانت ملتقى لاسماء ادبية وثقافية عراقية كبيرة مع ان بغداد احد اضلاع المثلث الثقافي العربي والجملة الشهيرة "القاهرة تكتب، بيروت تطبع، بغداد تقرأ" لكن لم يكن لمقاهيها شهرة عربية كمقاهي بيروت والقاهرة خاصة بعد ظهور "مقاهي الرصيف" التي ذاع صيتها بشكل خاص في بيروت شارع الحمرا.

مقاهي الرصيف
تترك التغييرات السياسية آثارها على مجمل مجالات تفاصيل الحياة، وتبدل ملامح المدن وقتيا قد يطول لكنه سيتحول الى تبدل دائم بعد مرحلة انتقال بين المرحلتين، ما لحق بها من تبعات التغيير السياسي الرئيسي. والمكان واحد من تفاصيل الحياة العراقية الاجتماعية والثقافية، الذي لم يستطع ان ينأى بنفسه عن رياح التغيير، فقدت تحول الكثير من المراكز الى هوامش وبالعكس ومنها شارع الرشيد ومقاهيه الثقافية والادبية التي كانت يوما ما خيراً لملتقى للادباء والمثقفين والتي حلت محلها مقاهي الكرادة، وما شاع مؤاخر من مقاهي الرصيف الشبيه بمقاهي شارع الحمرا.
صلاح حسن شاعر ومسرحي، قضى دهرا في مقاهي شارع الرشيد، ومقاهي رصيف المنفى الاوروبي وهو اليوم من رواد مقهى الرصيف في الكرادة يقول: عادة ما تقوم المقاهي في المراكز التجارية او المراكز السياسية والثقافية او بالقرب من المدن التي تتمتع بحركة تجارية واسعة. فعلى سبيل المثال كانت مقاهي ام كلثوم وحسن عجمي والبرازيلية في شارع الرشيد ولكن عندما اُغلق شارع الرشيد واصبح من الشوارع الخاوية هجر الناس هذه المقاهي القديمة المتداعية بعد ان تخلى شارع الرشيد عن كونه مركزا تجاريا.
الآن المقاهي انتقلت الى الكرادة بشكل مختلف تماما واصبحت مقاهي الرصيف بعد ان تبدل النظام السياسي وتحول منطقة الكرادة الى مركز تجاري وسياسي يستقطب الطبقات الجديدة في المجتمع العراقي.

باريس أم المقاهي
أبرز ما يميز العاصمة الفرنسية باريس جاداتها الواسعة وساحاتها التي تعج بالمقاهي، حتى أن جزءاً لا يتجزأ من العاصمة ويومياتها مثلما اضفت عليها روحاً مميزة. وابرز ميزة لهذه المقاهي، ان غالبيتها على الارصفة والجادات... وهي صفة تنفرد بها باريس لذا ليس من المستغرب ان تكون فكرة "مقهى الرصيف" استقدمت من باريس.
طه رشيد فنان مسرحي واعلامي يقيم في باريس منذ عقدين حتى بات بيته مضيفا عراقيا هو الآخر جليس دائم في مقهى رضا علوان يقول: لعبت المقاهي في حياة العراقيين ابان الخمسينيات والسيتينيات دورا مهما في حياتهم الثقافية مثل حسن عجمي والزهاوي والبرلمان والبرازيل ومقهى المقعدين ..الخ ..مستطردا: بالإضافة إلى دورها الثقافي باعتبارها منتديات ايام زمان فقد لعبت دورا اجتماعيا مهما باعتبارها المكان الأفضل للتواصل الاجتماعي .. وبرغم أن عدد المقاهي لم يصل إلى حد كبير كي يشكل ظاهرة الا ان البعض كان يقول بأنه في بغداد ( بين مقهى ومقهى توجد مقهى) وهو قول عارٍ عن الصحة! ولم أجد بلدا مزدحما بالمقاهي مثل باريس .

مقاهٍ أنثوية
وعن الاجراءات وكيفية عمل تلك المقاهي ذكر: في كل شارع وفي كل دربونة يوجد عدد هائل من المقاهي والناس هناك تفضل تلك التي تضع كراسيها على الرصيف برغم البرد الشديد الذي يتحايلون عليه بطرق تدفئة حديثة..ولكن ذلك لا يتم إلا باستخدام إجازات خاصة من البلديات والمؤسسات المعنية ..وهو عكس ما نراه اليوم في بغداد وبرغم اني ابارك انتشار "مقاهي الرصيف" لكونها تفتح نافذة على الحياة إلا أنها تحتاج إلى شروط لا بد من توفرها كأن تكون هناك دورة مياه صحية .. وإن نتاكد من نظافة المكان وان لا يؤثر على حركة السابلة ومرورهم، الأهم أن نحاول إيجاد مقاهي رصيف مختلطة أو مقاهي أنثوية فالمرأة تستحق أن نهتم بحريتها من خلال الفعل لا القول فقط ..وقد سبقتنا بعض المدن العربية في هذا المضمار مثل دمشق وبيروت والقاهرة.
نقطة : فقدنا الكثير من الإرث الثقافي العراقي بغياب مقاهي البرازيلية، حسن عجمي، البرلمان، البلدية، وانحسار مقهى ام كلثوم والزهاوي، لنفقد بذلك حكايات لكبار مثقفي العراق من رواد تلك المقاهي، اذ كان بالامكان الاحتفاظ ولو بشيء يسير من تلك الذكريات وما كان يدور في جلساتهم وحتى اماكن جلوسهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram