TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ضحك كالبكا..!

ضحك كالبكا..!

نشر في: 22 مايو, 2015: 09:01 م

في غضون أربعين يوماً فقط اعتقلت الشرطة البريطانية العصابة المحترفة التي قامت بما وصفتها الصحافة البريطانية بانها سرقة العصر، واستعادت كمية لا بأس بها من الجواهر الثمينة والأحجار الكريمة والعملات المسروقة التي كانت محفوظة في صناديق خاصة.
عملية السرقة حدثت في عطلة عيد الفصح الأخير، مطلع الشهر الماضي، في شارع (هاتون غاردن)، وهو مركز تجارة الجواهر والأحجار النفيسة، في قلب لندن. والسرقة نُفّذت باحترافية عالية، فالعصابة حفرت نفقاً في جدار للوصول إلى مصعد المبنى الذي كانت الصناديق، وعددها يزيد عن 70، قد حُفظت في قبوه، وعطّلت أجهزة الإنذار للتستر على عمليتها.
شرطة العاصمة البريطانية "متروبوليتان" أعلنت منذ بضعة أيام انها اعتقلت تسعة أشخاص يُشتبه بتورطهم في عملية السرقة التي قُدرت قيمة المسروقات فيها بما يعادل 300 مليون دولار أميركي. وأكدت الشرطة انها عثرت على عدد من الحقائب الكبيرة التي تحتوي على ممتلكات ثمينة، وذلك بعد عمليات دهم لـ 12 مبنياً في شمال لندن ومقاطعة كنت، جنوبي العاصمة البريطانية.
لست في وارد سرد التفاصيل، فمن تستهويه التفاصيل يمكنه الوصول إليها في لحظات عبر "غوغل" وسواه من محركات البحث الإلكتروني. ما يعنيني هو ان "ميتربوليتان" قد وصلت الى السرّاق واستعادت المسروقات، وهذا الأمر يهمّني ، ليس لأنني من مودعي الجواهر والأحجار النفيسة في "هاتون غاردن" الذي لا أتذكر انني مررت به خلال اقامتي الطويلة في لندن، مع انه يقع في الحي نفسه الذي كنت أعمل فيه "هولبورن"، وانما يعنيني ان الشرطة نجحت في أقل من ستة أسابيع في الكشف عن السرّاق والقبض عليهم. وهذا تمّ بفضل التكنولوجيا الحديثة، البسيطة ورخيصة الثمن، فلم يكن يتعيّن على شرطة "ميتروبوليتان" غير الرجوع الى الكاميرات المنصوبة في ذلك الشارع اللندني وسواه وتتبع حركة السرّاق والسيارات التي استخدموها وهم يفرّون بالمسروقات، وكذلك إجراء الفحوصات والتحليلات على ما خلّفه السرّاق في الميدان، من شعر الرأس المتساقط الى المعدات التي استخدمت في الحفر والكسر ونسي السرّاق جمعها كلها.
التكنولوجيا التي مكّنت شرطة العاصمة البريطانية من وضع اليد على المسروقات النفيسة والسرّاق لا تكلّف الكثير .. كلفتها تقلّ كثيراً عن عشرات ملايين الدولارات التي هي كلفة الأجهزة المزيفة للكشف عن المتفجرات التي استوردها الفاسدون في دولتنا. والأهم انها كلّفتنا عشرات آلاف الارواح التي أزهقت في التفجيرات الإرهابية التي نفذها الارهابيون وهم مطمئنون كل الإطمئنان الى ان هذه الأجهزة لا تكشف عن متفجراتهم.
المشكلة ان التاجر الذي تواطأ مع الفاسدين في دولتنا وورّدها إلينا حكم عليه القضاء في بلاده بالسجن 15 سنة، فيما فاسدونا الذين استوردوا هذه الإجهزة، وهم يعلمون عدم صلاحيتها، لم يزل أغلبهم طلقاء يواصلون فسادهم بكل اطمئنان.
والمشكلة الأكبر ان مسؤولي دولتنا المعنيين بهذه القضية جميعاً، من القائد العام للقوات المسلحة الى وزيري الدفاع والداخلية وقادة العمليات وكذلك زميلنا وصديقنا المتحدث باسم وزارة الداخليه سعد معن وزميله المتحدث باسم وزارة الدفاع، يعرفون كلهم ان أجهزة الفساد هذه لا تعمل .. هل تراهم يظنون انهم يضحكون علينا بمواصلة قطع الشوارع بنقاط التفتيش واستعمال هذه الأجهزة؟
نحن جميعاً نعرف انها أجهزة فاسدة وفاشلة ولا يمكنها حتى الكشف عن كرات الغولف الضائعة في الحشيش التي صُنعت لها، لأنه لا توجد ملاعب غولف لدينا .. ان من يضحك هو نحن .. نضحك على مسؤولينا الذين يظنون انهم يضحكون.. لكننا في الواقع نضحك ضحكاً كالبكا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. وليد ابراهيم حسين

    وصل استهتار واستفزاز السلطة لابناء البلد الى حدوده القصوى والتي لاتطاق. والأكثر إيلاماً ان هذا المسكين الذي مسكوه الجهاز الفارغ يعتقد انه يعمل وكل يوم يبرهن له الارهابيون انه لا يعمل.

  2. ابو سجاد

    لا والله يااستاذ عدنان هم الذين يضحكون علينا ولسنا نحن الذين نضحك والدليل هو سكوتنا وجبننا نحن الذين نموت تحت المفخخات وترانا صامتين ولا اعرف هل هو صمت الحمقى ام صمت الجبناء

  3. د عادل على

    الى ابى سجاد==========صحيح ما تقولون --------هم الدين يضحكون علبنا مند ان سيطروا على رقيه هدا الشعب المسكين في اليوم الأسود من الثامن من شباط الأسود وفى السنه السوداء من 1963---غفا الشعب وقياداته المختلفه وسيطر البعث وسيطر القتله وسيطر السراق وسيطر الا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram