وديع غزوان في اطار الجهود والتوجهات الحثيثة للقضاء على ظاهرة الفساد المالي والاداري في إقليم كردستان ، اصدرت الحكومة تعليمات تمنح بموجبها مكافآت مجزية لاي شخص يدلي بمعلومات عن اي فعل او ممارسة يقعان تحت اي عنوان من عناوين هذه الظاهرة المرفوضة من قبل الديانات والاعراف الاجتماعية .
ان هذه التعليمات لاتستمد قيمتها من مقدار او حجم المكافأة مهما بلغت قيمتها المادية , بل مما تعبرعنه ، من حرص على تحمل المواطن مسؤوليته المتمثلة بالمساعدة على الكشف عن هذه الظاهرة المعشعشة في بعض مؤسسات الدولة، اضافة لاهميتها التي لاتنكر في ايجاد محفز ودافع يعمل على تحصين المواطنين ويقطع الطريق على محاولة المفسدين اغراء اخرين للتستر على افعالهم المشينة . ولانظن اننا بحاجة هنا للحديث عن مخاطر الفساد وتبعاته السلبية الثقيلة على اية عملية بناء وتطوير كل طاقة وخبرة وكفاءة . ان نجاح اية سلطة في خدمة مواطنيها وبناء اجهزتها على وفق نظام مؤسساتي لايمكن ان يتحقق دون ان تضع في سلم اولوياتها ما يئد اي مظهر من مظاهر الفساد المالي والاداري . ويأتي هذا الاجراء الذي اتخذته حكومة إقليم كردستان ، ضمن سلسلة اجراءات اخرى سبقته ، كان من اهمها تشكيل لجنة نزاهة برلمانية واخرى مماثلة لها تابعة لمجلس الوزراء . ولايختلف اثنان على ان نجاح اي اجراء من هذا النوع منوط بالدرجة الاساس بتعاون المواطن من خلال رفد الجهات المختصة بالمعلومات التي تساعدها على انجاز اعمالها . ورغم ماسبق هذه الاجراءات من ممارسات حالت دون تفاقمها، لكنها لم تكن كافية لاستئصالها بشكل تام , ومن المبالغة الادعاء بان مؤسسات كردستان تخلو من مظاهر الفساد المالي والاداري , غير انها لم تصل مستويات خطيرة كما هو الحال عليه في بغداد وبعض المحافظات التي سببت تعطيل العديد من المشاريع والخدمات بل اثرت على عمل مرافق مهمة فيها . وبشكل عام فان صيانة شرف المسؤولية وامانتها تتطلب التصدي الجاد لاي مظهر للفساد مهما كان بسيطاً , لان مثل هذه الاعمال لاتقل خطورة عن اي عمل اخر يهدد سلامة الإقليم ومواطنيه ، وان استفحالها -لاسمح الله- سيعكس صورة غير مناسبة عن التجربة الكردستانية التي شيدت بتضحيات ودماء غالية . الكل يأمل ان يشهد الاقليم اجراءت اخرى فعلية بهذا الاتجاه يتحسسها المواطن ويشعر بالامان في ظلها ، وتشجعه على اعطاء المعلومة الدقيقة والصادقة . محاربة الفساد المالي والاداري مسؤولية وواجب وطني ينبغي على الجميع النهوض به .