مركز لندن جسرٌ دائبُ الحركة للحوار بين العراقيين والبريطانيين
تعقيبا على المقال المنشور في صحيفة المدى الغراء (العدد3350) تحت عنوان ( المراكز الثقافية في الخارج هل تعرف دورها وطبيعة عملها ..) للكاتبة حميدة العربي ، نتساءل بداية ما اذا
مركز لندن جسرٌ دائبُ الحركة للحوار بين العراقيين والبريطانيين
تعقيبا على المقال المنشور في صحيفة المدى الغراء (العدد3350) تحت عنوان ( المراكز الثقافية في الخارج هل تعرف دورها وطبيعة عملها ..) للكاتبة حميدة العربي ، نتساءل بداية ما اذا كانت السيدة كاتبة المقال من الزوار المنتظمين للمركز الثقافي العراقي بلندن، والمتابعين لأمسياته الثقافية ودوراته اللغوية وحلقاته التثقيفية وورشاته الحِرفية ومؤتمراته العلمية وعلاقاته المتنامية مع المؤسسات البريطانية، ومجمل نشاطاته على الساحة البريطانية.. ؟
فإن لم يتوفر لها ذلك، وهذا أغلب الظن، فهل سعت الى التعرف على نشاطات المركز المتلاحقة من خلال التغطية الأعلامية التي تُنشر تباعا في موقع الإنترنت و(فيس بوك) والمتمثلة بالإعلانات المسبقة عن الفعاليات، باللغتين العربية والإنجليزية، والمقالات الصحفية وتسجيلات الفيديو والصور الفوتوغرافية والمطبوعات الترويجية للمعارض التشكيلية باللغتين أيضا، بالإضافة الى الكثير من الجهد غير المعلن الذي يصب في نهاية المطاف في فكرة تعريف الآخر بثقافتنا التي تؤكد عليها الكاتبة.
ونُطمئن السيدة كاتبة المقال الانتقادي الى أن المركز كان يعرف دائما دوره وطبيعة عمله وهو منذ قيامه يعمل على تحقيق الأهداف الواردة في رسالتها بشتى الوسائل المتاحة والمبتكرة وبحدود صلاحياته وميزانيته التي طالما تعثرت وعرقلت أنسيابية عمله. فمنذ الأشهر الأولى لافتتاحه بادر المركز الى التعريف بوجوده بتظاهرة ثقافية أجتماعية راقية انتظمت على ضفاف نهر التايمس بالقرب من دوائر الحكم والمجمعات الثقافية الكبرى على مرأى من المواطنين البريطانيين وبمشاركة العشرات من أبناء الجالية العراقية. وركزت التظاهرة على تعريف البريطانيين بالإرث الحضاري العظيم الذي قدمه العراق للإنسانية، فكانت أشبه بصدمة صحية في مقابل النظرة السلبية التي أحاطت بالعراق في العقود الأخيرة. وشرع المركز منذ ذلك الحين – وأتحدث من موقعي كمديرة إعلام للمركز خلال العامين الماضيين - بخطة إعلامية دؤوبة لمد جسور التبادل الثقافي مع المؤسسات والجامعات والمعاهد الثقافية البريطانية لاسيما ذات الصلة بتاريخ العراق، ونجح في جذب العديد من الشخصيات الأدبية والأكاديمية والإعلامية المرموقة للحديث عن حضارة وتاريخ العراق في ندوات حوارية تدار باللغة الإنجليزية ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، ندوة الدكتور (جون كاران) مؤرخ سيرة حياة الروائية العالمية (أغاثا كريستي) الذي تحدث عن إبداعها الروائي وزيارتها للعراق في عام 1928 وجولاتها في بغداد وبعض مواقع التنقيب في أور – الناصرية و النمرود – الموصل، والتي تمخضت عن تأليفها لروايتها العالمية الشهيرة (جريمة قتل في قطار الشرق السريع) التي تعد من كلاسيكيات أدب الجريمة، والتي تجدد الإقبال على قراءتها بعد أن أصبح العراق في صدارة الأخبار إثر الاحتلال..، ولعل من أبرز القراء المتأثرين بتلك الرواية الصحفي البريطاني المتخصص بأدب الرحلات (أندرو أيميس) الذي سلك طريق (أغاثا كريستي) وقام برحلة معاصرة بالقطار الى العراق عبر أوروبا في عام 2002، وقد استضفناه في المركز للحديث عن رحلته المثيرة التي سجلها في روايته الشيقة (قطار التاسعة إلا خمس دقائق الى بغداد)، وماتزال هذه الرواية تلقى رواجا في صفوف القراء البريطانيين المهتمين بأدب الرحلات لاسيما بعد موجة الاهتمام بتاريخ وحضارة العراق التي انبثقت مع الاحتلال.
وكانت ندوة ( اختراع السومريين للعجلة) نموذجا آخر للتعريف بحضارة العراق، وقد استضفنا فيها مدير قسم الشرق الأوسط في المتحف البريطاني الدكتور (نايجل تاليس) للحديث عن هذا الاختراع التاريخي الذي يعد اساس التقدم الصناعي الحديث في الغرب، وكانت من أكثر الأماسي الثقافية أصالة وتنويرا بالحضارة العراقية. ومن الأمثلة الدالة الأخرى، استضافتنا للدكتور (ديونيسس أغيوس) رئيس معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أكستر والمختص بتاريخ الملاحة الإسلامية، ومحاورته عن رحلات السندباد البحري، وتم توقيت الندوة بالتزامن مع اهتمام المسارح البريطانية بعرض قصص ألف ليلة وليلة في فترة أعياد الميلاد. ونتيجة لهذا التواصل مع جامعة أكستر أتيحت للمركز إقامة معرض تشكيلي عراقي في قاعة الجامعة اجتذب جمهورا عريضا من الطلبة والزوار. مانريد التأكيد عليه من سرد هذه الأمثلة القليلة هو الرفض التام لطروحات الأخت السائلة حول عدم قيام المركز بدوره في تعريف الآخر بالثقافة العراقية. ونتساءل ثانية أن كانت قد علمت أو شاركت في التظاهرة الاحتجاجية التي طافت شوارع لندن مؤخرا والتي سارع المركز الى تنظيمها بعد أيام من تدمير متحف الموصل، وكانت في جوهرها تظاهرة تعريف بالحضارة العراقية شارك فيها العشرات من المثقفين وعموم أبناء الجالية.
إن هاجس نشر الثقافة العراقية والتعريف بها كان دائما المحرك الأساسي لعمل المركز، وهو مايجعله، على سبيل المثال، حريصا على التواجد السنوي في القمة الثقافية العالمية بأدنبرة - أسكتلندا، ولولا هذه المشاركة الهامة لما تهيأت للمركز، على سبيل المثال أيضا، استضافة وزير الثقافة البريطاني الذي تناول طعام الإفطار ذات صباح شتائي في مركزنا محاطا بالأعمال الفنية وبنخبة من المثقفين والأكاديميين العراقيين حيث وعد بتقديم التسهيلات الثقافية لهم. وهذا الهاجس نفسه هو ما يدفع كادر المركز الى الاستغناء عن يوم العطلة الأسبوعية لغرض السفر الى مدرسة انجليزية نائية في أطراف مقاطعة أوكسفورد بغية تقديم الدعم لآباء وأمهات الأطفال العراقيين الذين يدرس اطفالهم في المدرسة، لتتوهج وجوههم بالفخار وهم يرون العلم العراقي يرتفع فوق رؤوسهم. وهو ذات الهاجس الذي يدفعنا ايضا الى مخاطبة محافظ لندن ودعوته الى المركز، والتراسل مع المجالس البلدية سعيا للحصول على موافقة بنصب أعمال فنية عراقية في ساحات لندن. ولكن لندن ليست روما..! ومازالت قهقهة الاستعلاء ترن في مسامعي وأنا أخاطب موظفة البلدية حول الفكرة. فبقدر مايوجد هناك تعاطف شعبي مع العراق بسبب الاحتلال، هناك أيضا استعلاء مؤسساتي يحد من أحلام وطموحات المركز، ولكن هذا لم يكن ليثنينا عن عزمنا، وكما يعرف الجميع فإن التراكم والأستمرارية في الجهد لابد أن يأتي بثماره في مرحلة ما.
وبرغم المعوقات التي أشرنا اليها وتعثر ميزانية المركز الذي يعرقل انسيابية العمل والتنسيق مع الجهات المختلفة، فقد بقيت روزنامة المركز مزدحمة دائما بالنشاطات الثقافية والدورات التعليمية والورشات الحرفية التي تنخرط فيها أحيانا جنسيات غير عراقية، انجليزية واسبانية وبولونية وغير ذلك.
أما القول بعدم جدوى إقامة المعارض التشكيلية للفنانين العراقيين لكونه في اعتقاد الكاتبة لايصب في هدف تعريف الآخر بحضارتنا، فهو فهم مغلوط لطبيعة العملية الثقافية كما أنه متناقض مع طروحاتها حول المراكز الثقافية الأجنبية في بغداد. فكيف يتسنى لنا تعريف الآخر بحضارتنا ان لم نعرض له مايتحقق لدينا من ابداع ..؟ علما أن معارض الفنانين العراقيين تشجع الفنانين البريطانيين على عرض أعمالهم في المركز، ومنهم الفنانة الإنجليزية كارولين جونز التي أقام لها المركز معرضا فنيا عبرت فيه عن مشاهداتها في العراق.
أما عن استضافة الوفود والفرق في العراق فهذا الأمر لايتعلق بالمركز فحسب وانما بالمخاطبات مع وزارتنا الموقرة، وأيضا بمدى اطمئنان الضيف الى الاستقرار الأمني، وإن كانت فكرة الاستضافة قائمة ومطروحة دائما لدى المركز، وتحقق شيء منها خلال الاحتفال ببغداد كعاصمة للثقافة العربية في عام 2013.
ونُذكّر الأخت الكريمة أن رصد وتوثيق وطبع الابداع العراقي في المهجر ينبغي أن يكون من مهمات المراكز الثقافية في الخارج وهو لايتعارض بأي حال مع دورها في تعريف الآخر بثقافتنا، بل أنه يتكامل ويتوافق مع هذا الدور. وقد كان ملتقى الرواية العراقية في المهجر الذي استضافه مركزنا من أنجح الفعاليات التي جمعت شمل الأدباء العراقيين في المهاجر الأوروبية وأعاد اليهم معنى الارتباط والانتماء بعد سنوات بل عقود طويلة من العلاقة المعطوبة مع الوطن بسبب الأوضاع السابقة.
ختاما، كنا نتمنى لو أن كاتبة المقال توخت الدقة والأمانة في تقييمها لجهود المركز بدلا من الاعتماد على الانطباعات والتقولات. وشملت بنظرتها كافة المراكز الثقافية في الخارج بدلا من تركيز النقد على مركز لندن الذي يعد بكل المقاييس الموضوعية والمهنية الأكثر انتظاما وحِرفية وغزارة في نشاطه. حتى أنه بات يستقطب المثقفين والمبدعين العراقيين من كل العواصم الأوروبية، لاطمئنانهم الى حسن الأداء وجدية التعامل.
ونتمنى الخير والنجاح لجميع مؤسساتنا الثقافية.
جميع التعليقات 4
نسرين ابو قلام
روائية عراقية
ثائر الدعمي
المركز الثافي العراقي يقوم بنشاطات واسعة ,وهو مكان يجتمع به العراقيون من كل المملكة المتحدة. الكادر ودود ويرحب بالجميع وبمختلف التوجهات. أنه من غير العدل وصفه بشكل لا يتناسب مع حقيقة جهوده ذات التوجهات البنائة من أجل العراق والعراقيين.
أحمد الحلفي- إعلامي
الحقيقة النشاطاتات التي يقوم بها المركز الثقافي العراقي في لندن لا يرقى اليها أي مركز ثقافي عربي من جهة ولا اي اي مركز عراقي آخر من جهة أخرى من حيث التنوع والشمولية والإنتظام مما جعله محطة مهمة لكل المهتمين بالثقافة العراقية في مختلف مجالاتها
أميل كوهين
إن ما نشرته الكاتبة حميدة العربي عن المركز الثقافي العراقي في لندن يدل على جهل بنشاطات المركز اتي يجب أن نشيد بها لمستواها الثقافي العالي والأسترحاب التي تنال به من قبل المجتمع العراقي في بريطانيا ويستحق المركز كل الأطراء والتمجيد والعراقيون في لندن فخور