اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > رسائلنا .. من الورقية إلى الإلكترونية..حبيبنا ساعي البريد... شكراً لقد أوفيت وكفيت

رسائلنا .. من الورقية إلى الإلكترونية..حبيبنا ساعي البريد... شكراً لقد أوفيت وكفيت

نشر في: 25 مايو, 2015: 12:01 ص

 كثيرة هي الصور التي كانت جزءا من تفاصيل حياتنا اليومية الا ان قطار الزمن جعلها تنضم الى قافلة الايام لتصبح جزءا من الماضي ، لكنها رفضت ان تغادر محطة الذاكرة ومازالت للحديث بقية لأنه دخل الى دائرة البريد ذلك الاخير الذي كان في يوم من الايام حلقة

 كثيرة هي الصور التي كانت جزءا من تفاصيل حياتنا اليومية الا ان قطار الزمن جعلها تنضم الى قافلة الايام لتصبح جزءا من الماضي ، لكنها رفضت ان تغادر محطة الذاكرة ومازالت للحديث بقية لأنه دخل الى دائرة البريد ذلك الاخير الذي كان في يوم من الايام حلقة الوصل الاولى بين الأحبة والأصدقاء ومحطة لانظار من يتوقف لسماع اخبار احبته . لكن تلك العلاقة لم تدم طويلا لان وسائل التطور فرضت اساليب جديدة في الاتصال كالانترنت والموبايل، وهكذا اصرت رياح العلم ان تقتلع جذور البريد وهاهي تنفذ ماوعدت به فلم تبقِ منه الا القليل.

 
خانة النسيان
يقول المواطن حيدر حسن لـ "المدى" ان وظيفة ساعي البريد قد وضعت في خانة النسيان في بلدنا بعكس بقية بلدان العالم فانها مستمرة ومهمة ولايمكن الاستغناء عنها وان معظم اعمالهم تعتمد على البريد بالدرجة الاولى مبينا: ان خدمة البريد هي خدمة عظيمة وموجودة في كل الدول المتقدمة وانا اعتبر ساعي البريد كطير الحمام يقوم بإيصال الامانات الى اصحابها وهي مهنة تراثية تتميز بالجمالية.
 
رسائل رمزية
اما المواطن علي محمد فيقول لـ"المدى" ان مهنة ساعي البريد هي من اجمل وانبل المهن عندما كانت الحياة تتسم بالبساطة وعندما كانت خالية من الجوال والانترنت والفضائيات . واضاف : كان ساعي البريد يحمل لنا اجمل الرسائل من احبتنا وقد ساهم هذا الرجل في سعادة اناس كثيرون ، متمنيا ان تتم اعادة هذه الخدمة وتمنى لو يقوم ساعي البريد بدراجته بتوزيع رسائل رمزية في كل مرة من الزمن كمجرد احياء لهذه المهنة حتى لاتغيب عبارة (شكرا لساعي البريد) عن مخيلة المواطن العراقي وذاكرته.
 
شكراً لساعي البريد
من جانبها ، تقول ام محمد لـ"المدى" ان خدمة ساعي البريد خدمة جميلة وكنت اشعر بالسعادة عندما ارى ساعي البريد قديما لانني كنت اعرف انني ساسمع اخبارا جديدة عن اخي واختي المغتربين في اوروبا ،مستذكرة: كانت امي تطلب منا حين نكتب رسالة الى الى اخي واختي ان نذيِّل الظرف بعبارة "شكرا لساعي البريد". فهو يستحق الشكر والتقدير.
 
أقدم ساعي بريد 
بدوره يقول رضا القباني ،اقدم ساعي بريد في بغداد، لـ"المدى" : لقد افنيت 57 عاما في هذه المهنة النبيلة والان انا متقاعد منذ العام 2003 ولكني لازلت محبا لمهنتي واتشوق لها كثيرا واتمنى ان يعود الزمن بي لاستذكر ايام زمان . مضيفا: هذه المهنة لها نكهة خاصة ومميزة وكنت اتشوق كثيرا لرؤية الوجوه التي اقوم بتسليمها الرسائل تغمرها الفرحة والسرور والبهجة عند تسلمها رسائل ممن تحب وتنتظر وكنت ارى اللهفة في وجوه من اسلمهم الرسائل وافرح كثيرا لانني اشعر بانني قد قدمت شيئا للمواطن العراقي.
وبين القباني: انه ومن خلال عملي في هذه المهنة فقد تعرفت على الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية والادبية امثال نوري السعيد وعلي الوردي ومصطفى جواد. موضحا: بالرغم من امتلاكي شهادة الابتدائية الا انني ثقفت نفسي بنفسي عبر قراءة الكتب وانا من المولعين بالادب والصحافة ولي كتابات في اكثر من 35 صحيفة محلية.
 
عبد الكريم قاسم 
وبخصوص الطرائف والمواقف المحرجة يقول القباني : هنالك الكثير من الطرائف والمفارقات التي حدثت اثناء خدمتي في هذه المهنة ومن هذه المفارقات الطريفة التي حدثت لي عندما كنت احمل البريد الخاص برئاسة مجلس الوزراء سابقا وصادف ان دخل الزعيم عبد الكريم عبد الكريم قاسم وبهذه الاثناء تعثرت قدماي بالسلم فتناثرت الرسائل على الارض فتبسم لي الزعيم وامر حراسه بمساعدتي بالاضافة الى تكريمي بمبلغ 5 دنانير كمكافاة لي وقد كان هذا المبلغ في ذلك الوقت كبيرا جدا وقد اسعدني ذلك كثيرا.
 
انظمة بريد حديثة
من جانبه يقول احمد محمد صالح ،مدير مكتب البريد والتوفير، لـ "المدى" : يعتبر البريد العراقي من اقدم المؤسسات الحكومية الثابتة على نظامها العلمي والمهني والمؤسساتي ومرت الان 96 عاما على تأسيسه. مستطردا: البريد العراقي هو عضو في اتحاد البريد العالمي ودائما ما نبحث ونسعى في مؤتمراتنا عن كل ماهو جديد ويصب في خدمة البريد العراقي. وقد تعرضت منظومة البريد العراقي الى تاخير في عملها قبل عام 2003 وبعدها نتيجة قلة الدعم الرسمي لها ولكن في العام الماضي دخلت منظومة البريد في منظومات متقدمة ومتطورة حول تقديم الخدمات للمواطن في قطاعات ومؤسسات الدولة وقد ادخلنا عليها انظمة تكنلوجية حديثة بدعم من وزارة الاتصالات والحكومة. 
واضاف صالح: ان عدد المشتركين في خدمة البريد في تزايد وبدأنا بفتح مكاتب جديدة في مناطق معينة وقبل ايام قمنا بافتتاح مكتب بريدي في منطقة نفق الشرطة وتوفير الخدمات البريدية من خدمة نقل الطرود والبعائث ومنظومة تسلم الرسائل بالاضافة الى ادخال المكننة الحديثة في تسلم فواتير الماء والكهرباء وهذا مشروع كبير جدا ومدعوم من وزارة الاتصالات والمؤسسات الحكومية المعنية. مبينا: نقوم بتسلم البريد من جميع المحافظات وارساله الى كل دول العالم عن طريق الخطوط الجوية العراقية وبالعكس. مستطرقا: كما بدأنا مع البنك المركزي في اقامة مصرف بريدي داخل دائرة البريد وسنفتح تبادلا بريديا مع كل دول الجوار من خلال هذا المصرف.
 
جمع الطوابع وملك اليابان
وعن الخدمات الاخرى التي تقدمها مكاتب البريد يقول مدير مكتب البريد والتوفير: توفر مكاتب البريد ايضا خدمة هواة الطوابع وقد دعمناهم في مؤتمرات ومعارض مشتركة اضافة الى طوابع تذكارية وقمنا كذلك باصدار العديد من الطوابع كتعاون مشترك بين دول العالم . وقبل ايام صدر لنا طابع للعلاقات العراقية اليابانية بمناسبة مرور 76 عاما على تطوير العلاقات المشتركة بين البلدين وقد شكر ملك اليابان السفارة العراقية على هذا الطابع وكذلك توجد لدينا جمعية هواة الطوابع وهي جمعية مهنية مقرها في القشلة بالمتنبي ونحن بصدد اقامة المتحف البريدي قريبا.
واضاف صالح: مازلنا محافظين على هوية ساعي البريد من تجهيزات ونمتلك الان اسطولا من الدراجات الهوائية ولكن الوضع الامني غير المستقر قلل من خروج هذه الدراجات للعمل وكذلك فإن اغلاق الشوارع اثر على هذه المهنة ما يضطر ساعي البريد الى ان يقوم بتسليم الرسائل سيرا على الاقدام ولدينا موظفون قدماء جدا في الدائرة نقوم بتكريمهم في كل مرة ومن ضمنهم رضا القباني اقدم ساعي بريد في الدائرة.
 
الزائر الازرق
وتحدث لنا سليمان حسين كاظم ،اقدم ساعي بريد في مديرية بريد وتوفير بابل، مستذكرا قرابة 47 عاما قضاها مع هذه المهنة متنقلا من السير على الاقدام الى الدراجة الهوائية ومن ثم الدراجة النارية بزيه الازرق طائفا مناطق بابل لايصال الرسائل وكيف انه ساهم في اثلاج القلوب ورسم الابتسامة على وجوه من سلمهم هذه الرسائل مضيفا: انه في الوقت السابق كانت تجهيزات ساعي البريد مميزة من زي موحد وكاسكيتة وباج وحقيبة ودراجة اما في الوقت الحالي فقد اندثرت هذه التجهيزات. اما عن شعوره وهو يسلم الرسائل فيقول "انه شعور جميل ينتابني عندما اعطي الرسائل لانني رسمت الفرحة على وجوههم."
 
العلم والعملة والطابع
عن طبيعة التعامل مع هواة الطوابع والخدمة التي يوفرها مكتب بريد الحلة تقول ام علي (موظفة في مكتب البريد): استحدثت هذه الخدمة بعد ان وجدت مديريتنا انه من الضروري الاهتمام بهواة الطوابع والذين يقومون بعمل البوم بالطابع العراقي ومن خلال عملي رايت هنالك الكثير من المواطنين مهتمين بالطوابع ونحن هنا نقدم لهم كل الطوابع الجديدة اولا باول وان اي بلد يعرف من خلال ثلاثة رموز هامة وهي(العلم والعملة والطابع).
 
تنور ستيل 
ويقول ابو محمد (الموظف في الدائرة) انه في الوقت الحاضر اغلب الرسائل هي رسائل خاصة بالدوائر والمؤسسات الحكومية واساتذة الجامعات وتصلنا طرود من مختلف دول العالم ومحتويات الطرود هي الهدايا والملابس والاقمشة والاكسسوارات ونقوم في الدائرة بوزن الطرود ومن ثم تسجل وتوزع على اصحابها من خلال الاتصال بهم. مضيفا: ان البريد يأتي الينا يوميا من المركز الرئيسي في بغداد ويوزع على المحافظات والاكثر تداولا في الوقت الحالي هو البريد الرسمي بين الدوائر والمصارف. مبينا ان محافظة بابل هي الرابعة بعد بغداد والموصل والبصرة من حيث انسيابية البريد ولدينا مجموعة من الموزعين داخل المحافظة ولكل منطقة وقضاء ساعي بريد مخصص لها وقد اختلف البريد عن السابق بسبب الثورة التقنية التي حصلت واصبح الانترنت والموبايل جزءا مهما في حياة الناس . وعن اغرب طرد وصل الى دائرة بريد الحلة يقول ابو محمد انه (تنور ستيل) قمنا بتغليفه وارساله الى اميركا.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على طاولة الجدل : هل انتهى ذلك الزمن الجميل وهل ماتت لذة الاستمتاع بلهفة الكلمات التي ننتظرها حين يطرق ساعي البريد بابنا، وهل انتهت وبكل استسلام الديباجة الشهيرة (سلام سليم ارق من النسيم، صباح الخير ان كان صباحا، مساء الخير ان كان مساءً،الى ابي وامي بعد التحية) وهل فقد كاتب الرسائل مكانته القديمة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram