لو سلمنا جدلا أن الإنسان جزء من الطبيعة، فالطبيعة قائمة وقاعدة على الضوء والحركة، فيزياويا نحن كتلة مجسمة من ضوء، تتشظى الوانا متداخلة لا تحصى، ابرزها الألوان السبعة المعروفة. ولقد أسست على هذه الحقيقة مدلولات شتى، فمنذ اكثر من الفي سنة، والطب الشرقي يؤكد وجود هالة ضوئية لونية تحيط بأجسام الكائنات الحية - ما يعنينا جسم الإنسان - وما اكتشاف الابر الصينية وفاعليتها، إلا اختراقا لتلك الهالة الضوئية اللونية وتعديل الأماكن المنبعجة وتسوية ما انحرف عن مساره منها.
حياة الإنسان عجلة مستمرة الدوران. منذ اول شهقة ولادة لآخر شهيق وزفير، عجلة لو اصابها عطب ما، لأصيب صاحبها بمرض، ولو توقفت محركاتها لباغته موت.
الحياة طاقة، الطاقة ضوء، الضوء - عبر موشور - مجموعة ألوان، اللون حركة، الحركة حياة.
………….
أمي.. كانت تعاني من ربو مزمن، حين يهاجمها ضاريا، تستسلم له كطفلة، تبسمل وترفع سبابتها موحدة وتتمتم بعبارة التشهد. وتتهيأ لملاقاة الموت بعقيدة مؤمن.
حين داهمها الربو آخر مرة، اختلطت حشرجتها بشهيقي وزفيري، وانا اسند جسمها بكتفي واحيطها بذراعي واضمها لصدري.. واهدهد لهاثها، ستمر الأزمة على خير، ستمر على خير.
راقبتها واسارير وجهها تنقبض وتنبسط، ثم تنقبض وتنبسط - على غير العادة - سكن بعدئذ لهاثها، حسبتها استسلمت لإغفاءة. لم اشأ إيقاظها لولا ان بدرت مني التفاتة لالمح عرقا نافرا في الرقبة يتلوى، ثم يتلوى، ثم يتوقف عن النبض.
حين لم تستجب لهمسي المرتعش وانا اناديها باقدس صفة - ايقنت انها غادرت الحياة.
ما الذي غادر جسد امي - في غفلة مني - وهي بين خدي ونحري؟!
الروح؟؟
ما الروح؟؟ عبثا الحظوة بجواب.
هل نرى الطاقة الكهربائية تسري في الأسلاك الصماء فتمنحنا ضوءا ولونا وحرارة ونقيضها؟؟ هل نرى الذبذبات المغناطيسية في قطبي المغناطيس؟؟ هل نلمح او نحس بسطوة الجاذبية الأرضية التي تشدها للشمس والكواكب وتبعدها عنها بمقدار اقرب للثبات؟؟ هل وهل.. وهل؟ ستظل الروح، لغزا عجز العلم عن فض أسراره. ولئن سألوك عن الروح…. فقل: الروح من أمر ربي.
غياب في محفل الضوء
[post-views]
نشر في: 24 مايو, 2015: 09:01 م